responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 144

المرحلة الرابعة: عصر الركورد الفقهي‌

ويبدأ هذا العصر من أوائل القرن السابع ويستمر إلى أواخر القرن الثالث عشر، وفي الحقيقة إنّ هذا العصر يمثّل امتداداً للعصر الذي سبقه.

بعد أن كانت المذاهب الفقهية في القرن الرابع رغم حصرها بالمذاهب الأربعة، تملك نشاطاً وحركة ملحوظة، فإنّ هذه الحركة قد بدأت بالأفول والضعف في أواسط القرن السابع، والسبب في ذلك هو التغيرات والتحوّلات السياسية التي ظهرت في البلدان الإسلامية وأهمّها ضعف الخلافة الإسلامية، حيث تبدّلت الخلافة الإسلامية إلى حكومات ودول صغيرة ومحدودة باطر معينة، ومن جهة أخرى شهد هذا العصر هجوم أعداء الإسلام من المسيحيين والثنويين للقضاء على كيان الإسلام وقد بدأ هذا الهجوم في أواخر خلافة العباسيين.

ومن جهة أخرى فإنّ الحروب الصليبية (التي بدأت في القرن الخامس واستمرّت لمدّة قرنين من الزمان)، [1] جعلت المسلمين يعيشون الاضطراب الداخلي، واشتعلت نيران الحروب في أغلب المناطق، ومن جهة أخرى فإنّ ذلك العصر الذي كان يئنّ من وطأة الحروب الصليبية قد شهد هجوماً آخر من جهة الشرق ومن قِبل المغول، وقد أدّى هذا الهجوم إلى تدمير جميع البلاد الإسلامية، وحيث تقدّم المغول حتى وصلوا إلى بغداد عاصمة البلاد الإسلامية، وسيطروا عليها وقتلوا الكثير من العلماء وأحرقوا الكثير من المكتبات، فنرى أنّ البلدان الإسلامية وقعت من جهة الشرق تحت سيطرة المغول ومن جهة الغرب تحت سيطرة الصليبيّين‌ [2].

ومن الطبيعي في هذه الأجواء المضطربة وفي ظلّ هذه الفوضى أن ينعكس ذلك على جميع شؤون البلاد الإسلامية، ومن جملة ذلك الفقه، حيث خمدت الحركة الفقهية ومال الفكر الإسلامي نحو التقليد والتبعية للقدماء أكثر من السابق، حيث كان الفقهاء في هذا العصر يكتفون بما وصل إليهم من القدماء، وأحياناً يكتبون شرحاً على كتب القدماء أو تلخيصاً لها [3].

ورغم أنّ بعض العلماء في هذا العصر قد تحرّك على مستوى تدوين بعض الكتب، إلّاأنّ ذلك ونظراً لاتّساع البلاد الإسلامية وكثرة المسلمين، وكذلك طول هذه الفترة (ما يقارب ستّة قرون) يعدّ قليلًا جدّاً [4].


[1]. انظر: دائرة المعارف القرن العشرين، ج 5، ص 531- 535؛ فرهنگ‌معين، مفردة الصليبي (بالفارسية).

[2]. انظر: الكامل لأبن الأثير، ج 12.

[3]. انظر: تاريخ الفقه الإسلامي، ص 99 و 104؛ المدخل الفقهي العام، ج 1، ص 186؛ تاريخ التشريع الإسلامي، خضرى بك، ص 225 و 226.

[4]. عندما كان هذا العصر يشهد ظاهرة ركود الفقه السني، فإنّ فقه أهل البيت عليهم السلام كما تقدم في بيان مراحل الفقه، فإنّه شهد في أواخر القرن السادس وإلى القرن الحادي عشر (أي إلى بداية عصر سيطرة الأخباريين) عصراً ذهبياً لفقه أهل البيت عليهم السلام وشهد هذا العصر فقهاء كبار أمثال ابن إدريس الحلّي (م 598)؛ والمحقّق الحلّي (م 676)؛ والعلّامة الحلّي (م 726)؛ وفخر المحقّقين (م 771)؛ والشهيد الأوّل (م 786)؛ والمحقّق الكركي (م 940)؛ والشهيد الثانى (م 966) والمحقّق الأردبيلي (م 993) وجمع من كبار الفقهاء الذين خلّفوا عشرات الكتب الفقهية القيمة، وفي الواقع فإنّ فقه أهل البيت عليهم السلام وفقه أهل السنّة طيلة هذه القرون كانا يتحركان باتجاه متعاكس؛ فإنّ فقه أهل البيت عليهم السلام كان يتحرك من موقع العمق والرشد والتكامل وأمّا فقه أهل السنّة فكان يتحرك باتجاه الركود والخمود، ولعل أحد أسباب ذلك، هو وقوع الحروب الصليبية وما تبع ذلك من فتنة المغول، ومع الالتفات إلى أنّ فقهاء أهل السنّة كانوا يتمتّعون بحماية السلطات والحكّام وكان هؤلاء الحكّام في هذه العصر يعيشون ضغوطاً وتحديات صعبة من جراء الحروب الثقيلة، فإنّهم لم يتمكنوا من توفير الحماية الكافية لفقهائهم وبالتالي لم يوفروا أرضية مناسبة لتطور الفقه.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست