2. ويرى الأخباريون أنّ الكتاب والسنّة هما الحجّة فقط في مقام استنباط
الأحكام، ويعتقدون بأنّ العقل لادور له إطلاقاً في استنباط الأحكام الشرعية لأنّه
قد ورد في الروايات «أنّ دِينَ اللَّهِ لا يُصابُ بالعُقولِ» [1].
وقد كتب المحقّق البهبهاني في هذا المجال رسالة في الحسن والقبح العقليين
وأثبت فيها حجّة العقل في المستقلّات العقلية، وأوضح أنّ تلك الروايات هي في
الواقع ناظرة للأحكام الظنّية للعقل من قبيل: القياس والاستحسان وأمثال ذلك. وإلّا
فإنّه في الأحكام القطعيّة للعقل التي لا يشكّ فيها أيّ إنسان ذي فطرة سليمة، فإنّ
حكم العقل فيها حجّة من قبيل «قبح العقاب بلا بيان» أو «الاشتغال اليقيني يقتضي
الفراغ والبراءة اليقينية» ونظير ذلك، وقد ورد في روايات المعصومين عليهم السلام
التأكيد على حجّية العقل أيضاً.
3. إنّ الأخباريين لا يرون حجّية الإجماع في عملية استنباط الأحكام، ويعتقدون
بأنّ الإجماع هو دليل لدى علماء أهل السنّة لا في عقيدة علماء الشيعة، وقد أوضح
المحقّق البهبهاني أنّ الإجماع مشترك لفظيّ بيننا وبين علماء أهل السنّة، وإلّا
فإنّ الإجماع الذي نعتقد بحجّيته يختلف اختلافاً جوهرياً عن الإجماع الذي يعتقد به
أهل السنّة.
إنّ أهل السنّة يرون الإجماع حجّة في نفسه، ولكنّ علماء أهل البيت عليهم
السلام يعتقدون أنّ الإجماع طريق لتحصيل قول ونظر المعصوم عليه السلام. وقد ذكرت
شروط تحصيل نظر المعصوم بواسطة الإجماع في علم الأصول.
4. ويعتقد الأخباريون أنّ جميع الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السلام في
الكتب المعروفة والمعتبرة كالكتب الأربعة، قطعيّة ولا تحتاج إلى علم الرجال
للتحقيق في أسنادها. وقد ردّ المحقّق البهبهاني هذا المبنى أيضاً في رسالة «الاجتهاد والأخبار» وأثبت الحاجة لعلم الرجال، مضافاً إلى ذلك، فقد فتح البهبهاني بما وضعه من
إبداع في علم الأصول، فصلًا جديداً في هذا العلم حيث أدّى إلى تقوية ونمو هذا
العلم [2].
تلامذة المحقّق البهبهاني:
هذا وقد قام العلّامة الوحيد البهبهاني، مضافاً للردّ على مباني الأخباريين
ونقدها، بتربية تلاميذ كبار وتقديمهم للمجتمع الإسلاميّ وقد تحرّكوا بعد وفاة
استاذهم في سنة 1206 ه، في الخطّ الفكري لأستاذهم من موقع التحقيق والدقّة
والتعمّق، وأهم هؤلاء:
1. الملّا مهدي النراقي (م 1209) مؤلف كتاب «معتمد الشيعة في أحكام الشريعة»[3].