إنكار العقل والتزام الأخبار والتشدّد في ذلك، وبالنتيجة رفض منهج الأصوليين والعقليين وإيجاد منهج عمليّ في التمسّك بالأخبار [1].

بعض فقهاء الأخباريين:

إنّ الفقهاء والعلماء الأخباريين الذين جاءوا بعد محمّد أمين الإسترآبادي يختلفون في تشدّدهم وتعصّبهم لهذه المدرسة، فإنّ أفكار وعقائد الكثير من فقهاء المذهب الأخباري تختلف عن أفكار وعقائد المرحوم الإسترآبادي، مثلًا صاحب «الحدائق» هو فقيه أخباريّ، ولكنّه يقف موقف الاعتدال والإنصاف، وفي نفس اعتداله وإنصافه كان محقّقاً متتبعّاً، وفي الحقيقة أنّ موقفه هذا أدّى إلى انتهاء العصر الأخباريّ.

على أيّة حال فإنّ أهم فقهاء الأخباريين هم:

1. المولى‌ محمّدتقي المجلسيّ (م 1070).

كان المولى‌ محمّدتقى المجلسيّ (المجلسيّ الأوّل) رجلًا محقّقاً، عالماً، زاهداً، عابداً وفقيهاً متكلّماً. ومن كتبه المعروفة «روضة المتّقين»، الذي يعدّ من أفضل الشروح على كتاب‌ «من لا يحضره الفقيه» ويدلّ على مهارته وتخصّصه في الأدب والرجال والفقه والحديث‌ [2].

2. الملّا محسن الفيض الكاشاني (م 1091).

وكان عارفاً حكيماً ومحدّثاً فقيهاً، وقد جمع أحاديث الكتب الأربعة في كتابه القيّم‌ «الوافي» وكذلك دوّن كتاباً في الفقه باسم‌ «مفاتيح الشرائع» [3].

3. محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (م 1104).

وكان عالماً متبحّراً ومحدّثاً جليل القدر، وهو صاحب الكتاب النفيس‌ «وسائل الشيعة» الذي جمع فيه أحاديث الكتب الأربعة وكتب مهمّة أخرى للشيعة بأسلوب جديد [4].

4. العلّامة محمّد باقر المجلسيّ (م 1111).

بالنسبة لعلم وزهد وتقوى العلّامة المجلسيّ وجامعيته للعلوم فإنّه أكبر من أن يعرّف، ويكفيه فخراً أنّه ألّف دائرة المعارف الكبيرة باسم‌ «بحار الأنوار» للشيعة الإمامية حيث لم يسبقه في ذلك أيّ عمل من هذا القبيل، ومن تأليفاته القيّمة الأخرى كتاب‌ «مرآة العقول» في شرح كتاب‌ «الكافي».

وقد ألّف المجلسيّ كتباً كثيرة، وكان أوّل من كتب باللغة الفارسية كتباً مفصّلة في المعارف الدينية على أساس مذهب أهل البيت عليهم السلام‌ [5].

5. الشيخ يوسف البحرانيّ (م 1186).

وهو محدّث كبير وفقيه ماهر، ذو احاطة كاملة بالفقه والحديث، وقد ألّف كتباً كثيرة، أشهرها «الحدائق الناضرة» في 25 جزءً. ويعدّ هذا الكتاب دورة فقهية استدلالية مع نقل الأقوال والنصوص في كلّ مسألة [6].

وبالرغم من أنّ الشيخ يوسف البحراني يعدّ من الأخباريين، ولكنّه بموقفه المعتدل ورفضه للكثير من‌

[1]. انظر: ثقافة الفقه طبقاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام، ج 1، ص 39 و 40 (وللمزيد من الاطلاع حول ظهور الحركة الأخبارية انظر: موسوعة طبقات الفقهاء، مقدّمة الجزء الثاني، ص 386-/ 391).

[2]. انظر: امل الآمل، ج 2، ص 252؛ أعيان الشيعة، ج 9، ص 192 و 193.

[3]. انظر: روضات الجنّات، ج 6، ص 79-/ 103؛ أعيان الشيعة، ج 10، ص 46.

[4]. انظر: امل الآمل، ج 1، ص 141-/ 145؛ روضات الجنّات، ج 7، ص 96-/ 105؛ أعيان الشيعة، ج 9، ص 167-/ 171.

[5]. انظر: امل الآمل، ج 2، ص 248؛ روضات الجنّات، ج 2، ص 78-/ 93؛ أعيان الشيعة، ج 9، ص 182-/ 184؛ بحارالأنوار، ج 102، ص 105-/ 165.

[6]. انظر: روضات الجنات، ج 8، ص 203- 208؛ أعيان الشيعة، ج 10، ص 317؛ الحدائق‌الناضرة، ج 1، المقدّمة، تحقيق جماعة المدرسين.