الصورة الثانية: ما إذا شككنا فيها بعد
مجيء وقت ما يحتمل كون المشكوك مقدّمة له وبعد فعلية وجوبه، وحينئذٍ يجب الإتيان
بهذا الواجب على كلّ حال للعلم بوجوبه حينئذٍ، إمّا لنفسه أو لغيره.
الصورة الثالثة: ما إذا جاء وقت ما يحتمل
كونه ذا المقدّمة ومضيّ وقته كما إذا صارت المرأة حائضاً بعد دخول وقت الصلاة بعد
أن كانت جنباً، فلا نعلم أنّ غسل الجنابة واجب غيري حتّى يظهر سقوط وجوبه بسقوط
وجوب الصلاة أو أنّه واجب نفسي حتّى يكون باقياً على وجوبه، ولا إشكال في أنّ
الأصل هو الاستصحاب حيث إنّ الشكّ هنا يرجع إلى الشكّ في سقوط وجوب ثبت من قبل
والأصل بقاؤه، لكنّه مبني على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة وقد أشكلنا
عليه في محلّه.
ترتّب الثواب على الواجب الغيري وعدمه
وينبغي أوّلًا تنقيح الكلام حول معنى الثواب و حقيقته على نحو كلّي، وأنّه هل
هو من باب الاستحقاق أو التفضّل؟ والمشهور أنّه من باب الاستحقاق [1]، ولكن ذهب
المفيد رحمه الله وجماعة إلى أنّه من باب التفضّل من اللَّه سبحانه [2]، ولا إشكال في
أنّ الظاهر من آيات الكتاب هو الأوّل حيث تعبّر عن الثواب بالأجر في عدد كثير
منها.
نعم، أنّ الاستحقاق هنا ليس من قبيل استحقاق الأجير لُاجرة عمله، فإنّ
المكلّفين هم العبيد واللَّه تعالى هو المولى، ومن المعلوم أنّه يجب على العبد
إطاعة المولى لحقّ المولويّة والطاعة لا للأجر، فإنّ العبد بجميع شؤونه ملك
للمولى، فلا اختيار له في مقابله حتّى يطلب منه شيئاً بإزاء عمله.
[1]. رسائل الشريف المرتضى رحمه الله،
ج 3، ص 16؛ الاقتصاد، ص 108؛ كشف المراد، ص 551؛ كفاية الاصول، ص 110
[2]. نسب ذلك إلى المفيد في فوائد
الاصول، ج 1، ص 224، ولعلّه لبعض عبائره الموهمة لذلك، كما في أوائلالمقالات، ص
59، ولكن الظاهر موافقته مع مشهور المتكلمين، انظر النكت في مقدمات الاصول، ص 51،
نعم التزم بذلك جمع من المتأخّرين، انظر: نهاية الاصول، ص 186؛ تهذيب الاصول، ج 1،
ص 353