التعريف المذكور للتعارض، لأنّه بمعنى التنافر والتضادّ، ولا ريب في أنّه لا
تضادّ بين أدلّة العنوانين، إنّما الكلام في وجه التقدّم.
ظاهر كلمات الشيخ الأعظم رحمه الله أنّه من باب الحكومة، [1] بينما ظاهر كلمات المحقّق الخراساني رحمه الله
أنّه من باب الجمع العرفي [2].
ولابدّ قبل الورود في أصل البحث من تعريف الأحكام الأوّليّة والثانويّة [3]:
فالأحكام الأوّليّة: أحكام ترد على الموضوعات
الخارجيّة مع قطع النظر عن الطوارئ والعوارض الخارجة عن طبيعتها كحكم حرمة الأكل
العارضة على عنوان الدم أو الميتة في قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ»[4].
والأحكام الثانويّة: ما يرد على الموضوعات
الخارجيّة مع النظر إلى الطوارئ الخارجة عن ذاتها كحكم الحلّية العارضة على الميتة
بما أنّها مضطرّ إليها.
وعلى هذا ليست نجاسة الماء في صورة تغيّر أحد أوصافه الثلاثة من الأحكام
الثانويّة؛ لأنّ عنوان التغيّر يكون من الإنقسامات الأوّليّة للماء، فالماء بما هو
ماء على قسمين: ماء متغيّر وماء غير متغيّر، كما أنّه يقسّم بذاته إلى الماء
المضاف والماء المطلق أو إلى الكثير والقليل، بخلاف الاضطرار فلا يقال إنّ الماء
على قسمين: ماء مضطرّ إلى شربه وماء غير مضطرّ إلى شربه.
ولذلك أنّ العناوين الثانويّة وخصوصيّاتها، كالاضطرار وشبهه تجري في كثير من
الأبواب الفقهيّة والموضوعات المختلفة، بخلاف العناوين الأوّليّة الّتي تجري في
موضوعات خاصّة كعنوان التغيّر بالنسبة إلى الماء.
ثمّ لا يخفى أنّ العناوين الثانويّة ليست منحصرة بعنوان الضرورة والاضطرار،
بل