اسم الکتاب : أنوار الفقاهة في أحكام العترة الطاهرة( كتاب الخمس و الأنفال) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 353
الفقر بل الحاجة في بلد التسليم ولو كان غنياً في بلده»، ما نصّه: «بلا شبهة
بل ولا خلاف فيه على الظاهر بل عن المنتهى دعوى الإجماع عليه» [1].
ولكن في الجواهر: «بل ربّما استظهر من إطلاق بعضهم عدم اعتبار الفقر فيه عدم
اعتبار هذه الحاجة فيه أيضاً فيعطى وإن كان غير محتاج بل لعلّه كاد يكون صريح
السرائر، لكن اعترف الشهيد في روضته بأنّ ظاهرهم عدم الخلاف في اشتراط ذلك فيه» [2].
أقول: الإنصاف أنّه لا ينبغي الإشكال في اعتبار
الحاجة في بلد التسليم، أمّا أوّلًا: فلأنّ جعله قريناً للمساكين والأيتام الذين عرفت اعتبار
الفقر فيهم قرينة قوية على أنّه إنّما يعطى بسبب حاجته وفقره في بلد التسليم ولو
كان غنياً في بلده، بل إطلاق ابن السبيل عليه أيضاً يشهد بذلك، فإنّه لا يطلق هذا
العنوان على كلّ مسافر خرج من بلده إلى بلد آخر بل على من انقطع عن أمواله
وإمكانياته ولم يبق له صلة إلّابالطريق والسبيل.
وثانياً: ما عرفت من الارتكاز العقلائي في وضع الضرائب
والماليات وأنّه لا وجه عندهم لإعطاء المسافرين الأغنياء من أموال الناس، فهذا
الارتكاز سبب لانصراف الأذهان من إطلاق أبناء السبيل إلى المحتاجين.
وثالثاً: ما عرفت أنّ مسألة البدلية من الزكاة في أمر
المستحقين للخمس وقد صرّحوا في باب الزكاة باعتبار الحاجة في بلد التسليم وبأنّه
لا خلاف ولا إشكال فيه، ومن المعلوم أنّ أبناء السبيل من بني هاشم إنّما يعطون من
الخمس ما يعطى غيرهم من الزكاة.
ورابعاً: قد مرّ في رواية حمّاد بن عيسى، التصريح بأنّه
جعل للفقراء قرابة الرسول نصف الخمس، فأغناهم به عن صدقات الناس (إلى آخر ما ورد
فيها من التصريح مرّة بعد مرّة بذلك) [3].
وكذا قوله عليه السلام في مرسلة أحمد بن محمّد، فهو يعطيهم- أي الأصناف
الثلاثة- على قدر كفايتهم، الخ [4] وهذا أيضاً صريح فيما ذكر كما لا يخفى.