اسم الکتاب : أنوار الفقاهة في أحكام العترة الطاهرة( كتاب النكاح) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 110
فقد تلخّص من جميع ما ذكرنا: أنّ الروايات الدالّة على وجوب الستر على النساء،
نتبلغ حدّ التواتر، وفي الغالب تدلّ بالدلالة الالتزامية، وهي هاهنا أبلغ من
الدلالة المطابقية؛ لأنّ ظاهرها أو صريحها، كون وجوب الستر أمراً مسلّماً مفروغاً
عنه بين المسلمين، وإنّما وقع السؤال عمّا يتفرّع عليه وعن استثناءاته، وإذا
انضمّت إلى الآيات القرآنية الصريحة وإلى الضرورة بين المسلمين، ثبت الحكم بأبلغ
البيان، وأتمّ البرهان. هذا كلّه بالنسبة إلى وجوب الحجاب على النساء.
عدم وجوب الحجاب على الرجال
أمّا عدم وجوب الحجاب على الرجال، فقد صرّح في «المستمسك»: «بأنّه يظهر من
كلماتهم أنّه من القطعيات عند جميع المسلمين، وينبغي أن يكون كذلك؛ فقد استقرّت
السيرة القطعية عليه، بل تمكن دعوى الضرورة عليه» [1].
والظاهر أنّ المتعرّض للمسألة قليل، وما ذكره لعلّه مستفاد من طيّات كلماتهم؛
على تأمّل.
ولا شكّ في أنّ مقتضى الأصل هنا عدم الوجوب. ولكن دعوى استقرار السيرة عليه-
في غير الوجه، والكفّين، والرأس، والرقبة، وشيء من الصدر والذراعين، وشيء من
الساق مع القدم- مشكل جدّاً؛ فأيّ سيرة على وضع القميص عن الصدر والظهر والفخذ
وشبهه- ما عدا العورة- في مقابل النساء وعلى مرأى منهنّ؟!
نعم، بالنسبة إلى المقدار الذي ذكرنا، يمكن دعوى استقرار السيرة عليه. ولكن
ليس هنا دليل على الوجوب في مقابل أصالة البراءة؛ لا من الآيات، ولا من الروايات،
ولا من الإجماع.
نعم، يمكن الاستدلال له بمسألة حرمة الإعانة على
الإثم، وبمسألة النهي عن المنكر.