اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 472
و بعد العلم الحاصل من المبادئ الحدسيّة لا يقنعون به و لا بما هو ظاهر في
بادئ الأمر، فقد يكون المتّهم من إخوان الشياطين و يظهر الباطل في لباس الحقّ، و
الحقّ في لباس الباطل، فيجتهدون لكشف الحال و تطبيقه على الموازين الشرعية.
و لهذا نرى بعض القضاة في عصر أمير المؤمنين عليه السّلام كانوا يحكمون بما
يبدؤ لهم في بادئ الأمر و كان هو عليه السّلام- كما في روايات أبواب القضاء-
يردّهم عن قضائهم بما يظهر له عند الفحص و التدقيق و كشف الحال بقوّة الابتكار.
الرابعة: قد مرّت الإشارة إلى أنّ إحقاق حقوق الناس يتوقّف على مطالبة صاحب
الحقّ
، و نزيدك توضيحا هنا ليكمل شرح ما ذكره- قدس سره- في تحرير الوسيلة في ذيل
المسألة بقوله:
و لا يتوقف (أي إقامة حدود اللّه) على مطالبة أحد، و أمّا حقوق الناس فتتوقّف
إقامتها على المطالبة حدّا كان أو تعزيرا، فمع المطالبة له العمل بعلمه.
اقول: هذه المسألة معروفة بين الأصحاب، بل قد ادّعى عدم الخلاف فيها و قد
أوردها في الجواهر تبعا للشرائع في المسألة الخامسة من المسائل العشر التى أوردها
في ذيل أحكام حدّ الزنا. [1]
و الكلام فيها تارة من حيث الكبرى و اخرى من حيث الصغرى:
أمّا الأوّل فيدلّ عليه أوّلا: أنّه موافق للقاعدة، و هى عدم نفوذ القضاء إلّا
ما ثبت بالدليل، فما لم يطالب ذو الحقّ لم ينفذ حكم القاضى.
و ثانيا: كونه موافقا لكلمات الاصحاب كما قال في الرياض: «لا خلاف فيها ظاهرا
و لا اشكال». [2]
و ثالثا: تدلّ عليه روايات متعددة.
1- صحيحة الفضيل عن أبى عبد اللّه عليه السّلام: من أقرّ على نفسه عند الامام
بحقّ