بلا إشكال، بل لعلّ أكثر الأموال الموجودة اليوم على وجه الأرض أملاك للعناوين،
مثل السفن العظيمة و الطائرات و جميع الأسلحة المتطورة و الثروات الضخمة في البنوك
و العمارات و الأراضي و غيرها، و لو كان هذا أمرا غير عقلائي لما التزم به جميع
العقلاء من جميع أقطار العالم، و لو حكمنا بسلب الملكية عن الحكومات لم يستقرّ حجر
على حجر و لو يوما واحدا.
و ان شئت قلت: الأحكام تؤخذ من الشرع و موضوعاتها من العرف، و ملكية الجهة أمر
عرفي واضح ظاهر لكلّ أحد.
و هل الحكومة تتصرّف فيها بعنوان النيابة، و المال مال الشعب، أو هي ملك لها،
و رجالها مأمورون بالتصرّف فيها لمصالح الأهمّ؟
فعلى الأوّل المالك الحقيقي هو الشعب، و الحكومة وكيل له، و على الثاني المالك
هي الحكومة، و المصرف هو الشعب، كلّ من المعنيين جائز، و على كلّ تقدير تكون ملكا
للجهة.
و بعبارة اخرى، قد يكون عنوان النيابة هنا من قبيل الواسطة في ثبوت الملكية، و
اخرى من قبيل الواسطة في العروض.
الظاهر أنّه لا فرق بينهما في الأثر و العمل، لأنّ تصرفاتها بعنوان الحكومة
على كلّ حال لا تصحّ إلّا في مصالح الحكومة التي هي مصالح الشعب بعينها، كما أنّ
تصرفاتها بعنوان النيابة كذلك.
و على كلّ تقدير المالك هو الجهة لا افراد الحكومة، و لا افراد الشعب
بأعيانهم، بل بعنوانهم.
و لكن الأظهر بحسب متفاهم العرف و العقلاء هو كون الحكومة مالكا لها، تتصرّف
فيها لمصالحهم.
و ممّا يشهد لما ذكرنا من جواز ملك الجهة امور:
1- الموقوفات العامّة على بعض العناوين، كوقف المدارس على طلاب علوم الدين أو
على صنف خاص منهم، فانّ المالك هنا أيضا ليس أشخاصهم بأعيانهم، بل بما انّهم
مصاديق لهذا العنوان، و أي فرق بينه و بين مالكية عنوان الحكومة، و كلاهما ملك
الجهة، و لا