و ان كانت قليلة جدّا، و لكن حكمها الحلّية عند الأصحاب، و قد ادّعى الإجماع
عليه، و على الصورة الثانية في المصابيح، و في الحدائق و الرياض نفي الخلاف عنه
كما حكي عنهم [1].
و يدلّ عليه مضافا إلى ما ذكر امور:
1- الأصل- و قد وقع الكلام في المراد منه بعد كون الأصل في الأموال الحرمة،
لعدم العلم بالانتقال إلى الآخذ، و الاستصحاب يقتضي عدمه و المراد منه أحد أمرين:
الأوّل- أصالة الصحّة، و هو جيّد بعد عموم دليلها، و قد ذكرنا في محلّه من
كتابنا القواعد، أنّها أعمّ من المسلم و الكافر [2] كما أنّها لا تختصّ بالعقود و ما بحكمها، بل
تشمل كلّ فعل يتصور فيه الصحّة و الفساد، كتطهير الثياب و ذبح الحيوان و الصلاة
على الميّت و دفنه و غير ذلك.
و العجب من مصباح الفقاهة حيث خصّها بالعقود و الإيقاعات بعد ما أحرز أهليّة
المتصرّف للتصرّف، استنادا إلى أنّ عمدة دليلها هو السيرة، و هي من الأدلّة
اللّبية، فيؤخذ بالمقدار المتيقّن منه [3].
و لكن الإنصاف أنّ المراد من السيرة هنا سيرة العقلاء الممضاة من قبل الشارع و
هي عامّة، بل و لو لا ذلك لاختلّ نظام معاش المسلمين و معادهم بل نظام حياة كلّ
العقلاء كما لا يخفى على من تدبّر.
الثّاني- «قاعدة اليد» و هي أيضا متينة جيّدة بعد ثبوت شمولها للمقام.
و أمّا احتمال كون المراد منها «أصالة الإباحة» فقد عرفت أنّه لا وجه لها،
فالأصل في الأموال التي في يد الغير الحرمة.
2- الرّوايات الكثيرة الدالّة على جواز أخذ جوائز السلطان و عمّاله، و النزول
عليهم،
[1]. لاحظ جواهر الكلام، ج 22، ص 170،
و الحدائق، ج 18، ص 261، و الرياض، ج 1، ص 509، و مفتاح الكرامة، ج 4، ص 117.