و أفتى به المحقّق و الشهيد الثاني قدّس سرّهما في محكي المسالك و الروضة، و
كذا كاشف الغطاء.
و استدلّ له تارة بما دلّ على حرمة بيع المسلم من الكافر لكونه أولى منه، و
اخرى بما دلّ على نفى سبيل الكافر على المؤمن وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا[1] من باب الأولوية.
و ثالثة: بما دلّ على أنّ الإسلام يعلو و لا يعلى عليه [2] الذي استدلّ به في مسألة بيع العبد المسلم من
الكافر، بل هنا استعلاء على الإسلام، و رابعة بلزوم تنجيس المصحف غالبا.
و لكن جميع ذلك كما ترى لا يتجاوز عن حدّ الإشعار، أو التأييد، فانّ كون العبد
المسلم تحت يد الكافر قد يكون سببا لانحرافه عن طريق الحقّ، و ليس كذلك المصحف، و
أمّا آية نفي السبيل فدلالتها على تلك المسألة منظور فيها، فكيف بما نحن فيه؟
فانّ السبيل يمكن أن يكون بمعنى الحجّة و البرهان، و إلّا فسلطة الكفّار على
بعض المسلمين أحيانا و قتلهم و أسرهم غير نادر في التاريخ، بل النسبة إلى أئمّة
المسلمين أيضا.
و كذا علو الإسلام و عدم علو شيء عليه المستدلّ به في أبواب موانع الإرث و
أنّ الإسلام لا يمنع صاحبه عن إرث أقاربه الكافر، لأنّ الإسلام يزيد خيرا و «يعلو
و لا يعلى عليه» فانّ كون مجرّد ملك الكافر علوا غير معلوم في البابين، و النجس
غير ملازم لذلك و لو على القول بنجاسة الكفّار.
و العمدة هنا دليل الإهانة الذي يظهر من بعض كلمات صاحب الجواهر و شيخنا
الأعظم، و لكنّه أيضا أخصّ من المدّعى، بل و أعمّ منه من وجه، فقد يحصل بغير
التمليك، و قد لا يحصل بالتمليك، فيدور الحكم مداره.
فلو أخذ الكافر مصحفا للتحقيق حول الإسلام لم يكن فيه من هذه الجهة إشكال
أصلا، بل قد يجب ذلك من باب إرشاد الجاهل و إتمام الحجّة على الكافر.
و كذا إذا أخذه للتجارة به تجارة لا تنافي حرمته، مثل سائر أنواع التجارات، بل
قد يكون سببا لنشره في أقصى نقاط العالم، ممّا يوجب مزيد قوّة و شوكة للإسلام و
المسلمين، و بثّ