قطع المسافة الطويلة و نحوها من مصاديق العسر و المشقّة.
و لكن الإنصاف إنّ جميع المقدّمات واجبة عليه إلّا أن يكون فيها حرجا شديدا أو
ضررا عظيما معتدا به، فيكون داخلا في أدلّتهما (فتدبّر جيّدا).
الأمر السّابع: أخذ الاجرة على الإفتاء
و ممّا يحرم أخذ الاجرة عليه الإفتاء، ذكره السيّد اليزدي قدّس سرّه في حاشيته
على المكاسب، و استدلّ له بقوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً[1] (و قد ورد في كلام نوح و هود و صالح و لوط و شعيب عليهم
السّلام في سورة الشعراء: وَ ما
أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ
الْعالَمِينَ[2]) و
لأنّه واجب مجاني كما يظهر من أخبار وجوب التعليم و التعلّم.
و قد سبقه إلى ذلك صاحب الجواهر قدّس سرّه حيث قال: «و يلحق بالقضاء الإفتاء
في مسائل الحلال و الحرام و الموضوعات الشرعية، من غير فرق بين الواجبة و المندوبة
و المكروهة و المباحة، لما عرفته من عدم سؤال الأجر و كونه من الأمر بالمعروف و
النهي عن المنكر» [3].
أقول: أمّا الآية فلعلّ في تبليغ الأنبياء عليهم السّلام خصوصية ليست في غيرهم
و الأولوية هنا ممنوعة، و الثاني يختصّ ببيان الواجبات و المحرّمات.
و الأولى أن يقال: إنّ الإفتاء في جميع الأحكام واجب كفائي، لوجوب حفظ أحكام
الدين جميعا، و لآية النفر [4]، و ما دلّ على وجوب التعليم، و أنّه ما أخذ على العباد أن
يتعلّموا حتّى أخذ على العلماء أن يعلّموا، و غير ذلك، فيحرم أخذ الاجرة عليه.
الأمر الثّامن: أخذ الاجرة على تعليم القرآن
اختار المشهور كراهيتها، كما في مفتاح الكرامة [5]، و فصل بعضهم بين الاشتراط