responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 134

وطبعاً فالعدالة في المفهوم الإسلامي الواسع أشمل من القسط، وتعني ترك الذنوب الكبيرة وعدم الإصرار على الصغائر، أو بعبارة أدقّ أن يملك الإنسان تلك الحالة من التقوى والخوف من اللَّه تعالى بحيث تصبح هذه الحالة ملكة ثابتة في نفسه وخصلة أخلاقية تمنعه من ارتكاب الذنوب وتكون سدّاً يحول بينه وبين المعصية.

والفرق بين «العدالة» و «العصمة» أنّ المعصوم لا يمكن أن يرتكب المعصية عادة، ولكن بالنسبة للشخص العادل فارتكاب المعصية بالنسبة له «مشكل»، يعني أنّه يملك حالة نفسانية تقف سدّاً أمام رضوخه إلى الميول والأهواء النفسية.

فإذا كانت تلك الأهواء شديدة فربّما تكون بمثابة السيل القوي الذي يكسر ذلك السد أو يعلو عليه الماء، ولكن على أيّة حال فإنّ هذا السيل لا يكون حرّاً، بل يواجه السدّ دائماً، وهذا أفضل مثال يمكن رسمه لملكة العدالة.

وكلما انهدم ذلك السد فإنّ الشخص سيتوب فوراً من ذنبه ويتحرك على مستوى تغيير المسار وبناء الذات وبالتالي تشديد العدالة، وإلّا فإنّ هذه «الملكة» ستزول من واقعه ويحلّ محلها الفسق والتمرد.

والملفت للنظر أنّ التعاليم الإسلامية تقرر أنّ هذه الملكة شرط للأعمال الأقل أهمية من مسألة الإدارة والعدالة، كالعدالة في مورد الشهود، أو في إمام الجماعة.

وعلى ضوء ذلك فمن البديهي أنّ المراتب والمناصب الحساسة يشترط فيها حالة عالية من التقوى والورع.

ويصرّح القرآن الكريم في خطابه لجميع المسؤولين للدعوة لإقامة «العدالة» بصورة كاملة:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ...» [1].

ومن هذا المنطلق فإنّ كل نوع من المداهنة في مجال إقامة العدالة حرام، حتى بالنسبة


[1]. سورة النساء، الآية 135.

اسم الکتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست