المشركون أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قد جاء إليهم بجيشه لفتح مكّة،
كان ذلك بعد فوات الأوان، وقد استطاع النبي محاصرة مكّة بشكل كامل، فقال أبو
سفيان: إذا جرّدنا سيوفنا وحاربنا المسلمين فسوف لا تبقى لقريش باقية وسوف نُقتل
بأجمعنا، ولذلك لم يجدوا بدّاً من الاستسلام، وهكذا فتح الجيش الإسلامي مكّة بدون
سفك قطرة دم واحدة، وأمّا النبي الإكرم صلى الله عليه و آله وبعد ما تحمل منهم ما
تحمل من الأذى والتآمر والمصاعب، فإنّه الآن بيده كل شيء وبإمكانه الانتقام من
هؤلاء القوم، فلو كان النبي إنساناً عادياً لأصدر أمراً بقتل جميع مشركي مكّة، كما
فعل ذلك جيوش الحلفاء عند فتح برلين عاصمة ألمانيا، ولم يرحموا رجلًا أو مرأة،
صغيراً أو كبيراً، سالماً أو مريضاً، ولكنّ هذا النبي نبي الرحمة، ولذلك فقد جاء
إلى جوار الكعبة وقبض على مقبض الباب، ونظر إلى أطرافه وكان جميع مشركي مكّة
وزعماء الكفر والضلالة مجتمعين في ذلك المكان، فنظر إليهم وخاطبهم: