والسنّة تطلق تارة بمعنى المستحب في قبال الواجب ، واُخرى بمعنى ما جعله النبي وفرضه قولاً أو عملاً في قبال مافرضه اللّه سبحانه في القرآن الكريم .
والظاهر أنّ هذا هو المراد بها في المقام برغم عطف التكبير في ذيل صحيح زرارة على التشهد والقراءة في سياق بيان السنّة ، وظاهره غير تكبيرة الاحرام ، وهو مستحب ، إلاّ أنه مع ذلك يناسب مع كلا المعنيين كما هو واضح ، فيكون المعنى الثاني هو الظاهر ؛ لتصريح جملة من الروايات السابقة وغيرها بلزوم سائر الأجزاء غير الركنية في الصلاة ، بل ووجوب الاعادة إذا ترك شيئا منها متعمّدا ، فهي واجبة كالاركان إلاّ أنه لأجل متابعة النبي أو أمره ، لا من جهة فرض اللّه سبحانه وتعالى في القرآن ، ومن هنا لم تجب الاعادة بالاخلال بها لا عن عمد ، بل لعل المعنى الأول للسنّة اصطلاح متأخر .
وعلى هذا الأساس يستفاد من هذه الروايات قضيتان كبرويتان :
إحداهما: أنّ مافرضه اللّه سبحانه في الصلاة من القيود تبطل الصلاة بالاخلال بها ولو سهوا .
الثانية: أنّ ما هو سنّة في الصلاة من القيود المعتبرة فيها لاتبطل الصلاة بالاخلال بها لا عن عمد . ولا إشكال في استفادة هاتين القضيتين من الروايات السابقة .
وإنّما الكلام والبحث في تحديد ماهي الفرائض ؛ فإنّ بعض الطوائف السابقة من الروايات المتقدمة ذكرت ثلاثة أثلاث للصلاة : الطهور والركوع والسجود ، وبعضها ذكرت اثنين هما : الركوع والسجود فقط ، وبعضها ذكرت خمسة بإضافة القبلة والوقت ، وبعضها ذكرت سبعة بإضافة التوجّه والدعاء ، فقد يقال بالتهافت بين الروايات من هذه الناحية .