اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 887
سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا يقع في الآبار ـ إلى أن قال ـ : « وكلّ شيء يسقط
في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك ، فلا بأس » [١].
ويشكل التعويل
عليه : بأنّ البئر لا يقاس عليها غيره في الأحكام الثابتة لها ، خصوصا على مذهبه
فيها وهو عدم انفعالها بالملاقاة وإن أوجب النزح تعبّدا.
حجّة القول
بالنجاسة : موثّقة سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن جرّة وجد فيها خنفساء قد ماتت؟ ، قال : « ألقها
وتوضّأ منه ، وإن كان عقربا فأرق الماء وتوضّأ من ماء غيره » [٢].
وموثّقة أبي
بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الخنفساء يقع في الماء أيتوضّأ منه؟ قال
: « نعم لا بأس به » ، قلت : فالعقرب؟ قال : « أرقه » [٣].
والتقريب في
ذلك ـ مع ظهوره في المباشرة عن حياة ـ ما تقدّم.
والجواب عن
الكلّ : أنّ ما تقدّم في دليل الطهارة لاجتماعه جميع جهات الاعتبار والوثوق ينهض
قرينة على [أنّ] الأمر فيهما مرادا به الاستحباب ، فمقتضاهما استحباب التنزّه عن
هذا الماء ، وهو ليس بنكير ، مع ما فيهما من قوّة احتمال كون الجهة الداعية إلى
ذلك وجود السمّية ، فلم يلزم من ذلك ثبوت النجاسة على ما هو المتنازع.
وبالجملة :
العدول عن الطهارة إلى النجاسة مع ملاحظة ما ذكر ، لأجل ما ذكر ، خلاف الإنصاف.
وأمّا الكراهة
: وإن استدلّ عليها في شرح الدروس [٤] بمرسلة الوشّاء ، ورواية ابن مسكان ، ومضمرة سماعة
المتقدّمة ، لكن ليس شيء منها بشيء هنا.
أمّا الأولى :
فلورودها فيما له لحم ، والعقرب ليست من ذوات اللحم.
أمّا الثانية :
فلورودها في شرب الدابّة فلا يتعدّى منه إلى المباشرة ميّتا ، إذ ليس حكم الكراهة
كحكم النجاسة ، بحيث إذا ثبت في حال الحياة ـ بتقريب ما ذكرنا ـ لكان ثابتا في حال
الممات أيضا كما لا يخفى ، فلا يلزم من رجحان التنزّه عن سؤر العقرب رجحانه عن [ما]
ماتت فيه ، هذا مع إمكان المناقشة في انصراف « الدابّة » إليها ، ويجري
[١]الوسائل ٣ : ٤٦٤
ب ٣٥ من أبواب النجاسات ح ٣ ـ التهذيب ١ : ٢٣٠ / ٦٦٦.
[٢]الوسائل ٣ : ٤٦٤
ب ٣٥ من أبواب النجاسات ح ٤ ـ الكافي ٣ : ١٠ / ٦.