اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 859
عدا الطهارة الذاتيّة.
إلّا أن يستكشف
الانسياق لبيان الطهارة على الوجه الأعمّ عن الاستثناء الوارد في الموثّقة لصورة
وجود الدم في المنقار ، نظرا إلى أنّه إثبات للنجاسة الفعليّة الغير المنافية
للطهارة الذاتيّة ، فيكون المراد من المستثنى منه إثبات الطهارة الفعليّة الّتي هي
أمر زائد على الطهارة الذاتيّة ، فحينئذ يبقى المناقشة في الاستدلال بعمومات اخر
ممّا ورد في السنّور والدوابّ والسباع كالصحيحة والحسنة المتقدّمتين ، وغيرهما
ممّا سيأتي ذكرها في بحث الهرّة ، فإنّ الظاهر المنساق منها كونها لبيان الطهارة
الذاتيّة ، وستسمع زيادة بيان في ذلك ، فلا ينبغي أخذها مستندة لنفي النجاسة
العرضيّة.
وبالجملة فرق
واضح بين النجاسة الّتي هي من مقتضيات ذات الحيوان وطبعه والنجاسة الطارئة له
لعارض ، والكلام في المسائل السابقة نفيا وإثباتا كان راجعا إلى النجاسة المستندة
إلى الذات ، وفي هذه المسألة راجع إلى النجاسة المستندة إلى ما هو خارج عن الذات ،
فما انتهض دليلا على نفي النجاسة في المقام الأوّل على جهة الاختصاص لا ينبغي أخذه
دليلا على نفيها في المقام الثاني ، وإن كان ما انتهض دليلا على نفيها في المقام الثاني
صالحا لأن يؤخذ دليلا عليه في المقام الأوّل ، والظاهر أنّ الأخبار المشتملة على
استثناء صورة وجود النجاسة من قبيل القسم الثاني ، بخلاف الأخبار المتضمّنة لنفي
البأس عن سؤر الهرّة والدوابّ والسباع ، فإنّها لا تنطبق إلّا على المقام الأوّل
فتكون من قبيل القسم الأوّل.
المسألة
الخامسة : والظاهر أنّه
لا خلاف عندهم في كراهة سؤر الجلّال وآكل الجيف ، بل نسب القول بالكراهة في كلام
غير واحد [١] إلى جمهور أصحابنا في كلّ حيوان غير مأكول اللحم عدا
السنّور ، ولعلّه لا ضير فيه لرواية الوشّاء المتقدّمة [٢] تسامحا في أدلّة
السنن ، ويمكن الاستناد في ذلك أيضا إلى مستند الكراهة في الأنعام الثلاثة من
الخيل والبغال والحمير من جهة الأولويّة كما لا يخفى ؛ وقد شاع في كلامهم التعليل
لذلك أيضا بالخروج عن شبهة المنع والتحريم ، وليس على ما ينبغي عند التأمّل ،