اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 727
اختصاص الحكم بالقول بالتنجيس دون غيره.
أمّا الأوّل :
فلأنّ المستفاد من الروايات الآمرة بالنزح ـ على تقدير دلالتها على التنجيس ـ كون
سبب النزح وقوع النجس من حيث استلزامه نجاسة ماء البئر ، فسبب النزح في الحقيقة هو
نجاسة الماء وهي مترتّبة على وجود النجس فيه ، سواء كان ذلك الوجود حدوثيّا أو
استمراريّا ، فإنّه ما دام موجودا في الماء كان مقتضيا لتنجّسه ، فالنزح الحاصل مع
وجوده لا يجدي نفعا وإن بلغ في الكثرة ما بلغ ، حتّى فيما لو كان الواجب نزح
الجميع ، فإنّ نزح الجميع حينئذ مع مقارنته لوجود النجاسة إلى الدلو الأخير لا
يفيد تطهّرا ولو بالقياس إلى أرض البئر ، بل هو حينئذ نظير مسألة الغور ، فلو
تجدّد الماء بعد ذلك فعلى القول بأنّه ينجّس لملاقاته الأرض النجسة لم يزل التنجيس
وإن كان ذلك عندنا خلاف التحقيق.
وأمّا الثاني :
فلأنّ المستفاد من الروايات حينئذ كون أوامر النزح معلّقة على وقوع النجس على معنى
حدوث ملاقاته الماء ، استمرّت الملاقاة إلى أن يلحقها النزح أو زالت ، فإنّها سبب
لماهيّة النزح في ضمن عدد معيّن ، فإذا استكمل العدد صدق عرفا حصول الماهيّة
المقيّدة به في الخارج ، ومن المقرّر أنّ الأمر مقتض للإجزاء ومع سقوطه فلا نزح
بعده وإن كان النجس موجودا ، وإلّا لزم وجوب الامتثال عقيب الامتثال وهو مع عدم
تكرار الأمر غير معقول.
لا يقال : ومن
المقرّر في مسائل الاصول تكرّر الأمر المشروط بتكرّر شرطه ، فلا معنى لالتزام سقوط
الأمر مع وجود النجس الّذي هو في معنى التكرّر ، لأنّ ذلك غفلة عمّا قرّرناه أوّلا
من أنّ سبب النزح على ما هو ظاهر الأدلّة حدوث الملاقاة ، ولا ريب أنّ الاستمرار
ليس منه.
ألا ترى أنّ
السيّد إذا قال لعبده : « إن دخل زيد في الدار فأضفه » ، لا يستفاد منه عرفا إلّا
سببيّة حدوث الدخول للضيافة ، فلذا لو دخل وبقي فيها مستمرّا فأضافه العبد مرّة
امتثل ، ولا يعاقب على ترك الضيافة ثانيا من جهة استمرار وجوده فيها ، وإنّما
يعاقب عليه لو خرج بعد الدخول فدخل ثانيا على وجه صدق معه تكرّر الدخول ،
فالاستمرار لا ينزّل في نظر العرف منزلة التكرار جزما.
اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 727