اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 660
أنّهم في غير هذا الموضع اختلفوا في اختصاصها بها ، وقد تقدّم عن صاحب
المدارك [١] التصريح بأنّها لغة وعرفا فضلة الإنسان ، وعن المعتبر [٢] التصريح بأنّ
العذرة والخرء مترادفان يعمّان فضلة كلّ حيوان ، وهو ظاهر المحكيّ عن الحلّي [٣] حيث أضافها
هنا إلى ابن آدم ، بناء على أنّ القيد ظاهر في التخصيص.
وقد ورد في بعض
الأخبار إطلاقها على ما يعمّ فضلة غير الإنسان أيضا ، كخبر عبد الرحمن « عن الرجل
يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب » [٤] ، ورواية ابن
بزيع ـ المتقدّمة ـ « في البئر يقع فيها شيء من العذرة كالبعرة ونحوها » [٥] ، ومقتضى
قاعدتهم في استعمال اللفظ في معنيين خاصّ وعامّ كونه حقيقة في العامّ إلّا إذا غلب
الاستعمال في الخاصّ ، فيكون حقيقة فيه خاصّة ؛ والظاهر ثبوت تلك الغلبة هنا.
لكن يشكل ذلك
بأنّ مقتضى قاعدتهم الاخرى في تعارض قول نقلة اللغة كون اللفظ حقيقة في العامّ إذا
كان الاختلاف بينهما في العموم والخصوص المطلقين ، وقد عرفت وجود هذا الخلاف بين
قولي المعتبر والمدارك ، ومثله موجود في كلام أئمّة اللغة ، فإنّ المحكيّ عن جماعة
منهم كون العذرة : خرء الإنسان ، وظاهر المصباح المنير والمجمع كونها للعامّ ، حيث
فسّرا بمطلق الخرء ، قال الأوّل : « العذرة : وزان كلمة الخرء ولا يعرف تخفيفها
وتطلق العذرة على فناء الدار ، لأنّهم كانوا يلقون الخرء فيه ، فهو مجاز من باب
تسمية الظرف باسم المظروف » [٦].
وقال الثاني :
« العذرة وزان كلمة الخرء ، وقد تكرّر ذكرها في الحديث ، وسمّي فناء الدار [٧] عذرة لمكان
إلقاء العذرة هناك » [٨] ، ولعلّ الخلاف نشأ عن ملاحظة المطلق من غير نظر إلى
انصرافه ، وعن الأخذ بموجب الانصراف توهّما ، ويمكن حمل التفسيرين على المسامحة في
التعبير ، كما يوهمه عبارة اخرى في المجمع في عنوان الخرء ، قائلة : « وقد تكرّر
ذكر الخرء كخرء الطير والكلاب ونحو ذلك ، والمراد ما خرج منها كالعذرة