اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 254
مسألة الورودين كثيرا عن مسألة العالي والسافل ، وكلامه يقتضي المصادقة
الدائمة وإلّا لم يكن [وجه] [١] لتخصيص محلّ البحث من مسألة الورودين بما يبدأ فيه
الفرق بين القدر المتّصل بالنجاسة وما فوقه ، إلّا أن يكون مراده بالفوقيّة ما
يتحقّق مع تساوي السطوح أيضا ، وقد عرفت القول فيه.
وكيف كان
فالوجه في المسألة هو هذا ، خلافا لما عرفت عن المناهل ، عملا بإطلاق الإجماعات
المنقولة ، على أنّ النجاسة لا تسري من الأسفل إلى الأعلى ، فإنّه يشمل المقام
وسائر المائعات ممّا لا يندرج تحت المطلق ولا المضاف الّذي يطلق عليه الماء مجازا
جزما ، بحيث يكون الاسترابة فيه دفعا للضرورة ، فعلى ثبوت العمل به تمّ الدليل
واستقرّت الحجّة ، وليس للمخالف على ما عرفت إلّا إطلاقات الفتاوي ، والإجماعات
المنعقدة على انفعال المضاف مطلقا ، ودفعه بعد ملاحظة أنّ إطلاقاتهم فتوى ودعوى
للإجماع في الفرق بين العالي وغيره أخصّ مطلقا من تلك الإطلاقات هيّن.
لا
يقال : النسبة بينهما
ترجع إلى عموم من وجه ، لافتراق الاولى في الماء المستعلي ، وافتراق الثانية في
المضاف الغير المستعلي ، فيجتمعان في المضاف المستعلي ، ويلزمه الترجيح بالخارج.
لأنّا
نقول : مع إمكان
ترجيح الاولى بموافقتها الأصل ، فيه منع واضح فإنّ ذلك إنّما يتّجه إذا لوحظت
الثانية منفردة عن إطلاقات انفعال الماء القليل ، وأمّا إذا لوحظتا معا وهما
متوافقان في الحكم كان إطلاقات المستعلي أخصّ منهما مطلقا فتخصّصهما معا ، ألا ترى
أنّه لو قال : « أكرم الرجال » ، ثمّ قال : « أكرم النسوان » ، ثمّ قال ثالثا : « لا
تكرم الفسّاق » ، كان ذلك الأخير مخصّصا للأوّلين معا إذا لوحظا منضمّين ، وإن كان
بينه وبين كلّ واحد منهما إذا لوحظ منفردا عموما من وجه كما لا يخفى.
ويستفاد من
الشيخ الاستاذ في الشرح المشار إليه [٢] : دعوى الضرورة والسيرة فيه وفي الماء ، وكون مسألة عدم
السراية مركوزة في أذهان المتشرّعة ، وهو في الجملة ليس ببعيد خصوصا في الماء ،
ثمّ إنّه دام ظلّه خصّ الحكم فيه وفي المطلق بما إذا كان العالي سائلا ، وأمّا مع
وقوف العالي على السافل من دون سيلان كما لو أدخل إبرة