اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 112
والمصانع [١] ومياه الأواني المحصورة ومياه الآبار ، فأمّا مياه
الغدران والقلبان فإن كان مقدارها مقدار الكرّ فإنّه لا ينجّسها شيء ، إلّا ما
غيّر لونها أو طعمها أو ريحها ، وإن كان مقدارها أقلّ من الكرّ فإنّه لا ينجّسها
كلّ ما وقع فيها من النجاسة ، وأمّا مياه الأواني المحصورة فإن وقع فيها شيء من
النجاسات أفسدها ، ولم يجز استعمالها ». انتهى ملخّصا [٢].
وجه الدلالة في
ذلك : أنّه فصّل في الحكم بالنجاسة وعدمها بالنسبة إلى الغدران والقلبان بين ما
كان منها قدر الكرّ وما دونه ، وتنحّى عن هذا المسلك في خصوص الأواني فأطلق فيها
الحكم بالنجاسة ، وقضيّة ما عنه ـ من أنّ طريقته في النهاية أنّه لا يذكر فيها
إلّا متون الروايات من غير تفاوت ، أو مع تفاوت يسير لا يخلّ بالمعنى ـ كون هذه
الجملة مضمون الرواية وإن كانت مرسلة.
ولكن يضعّفه :
ما سبق في منع الاحتجاج بما تقدّم من الروايات في تفصيل بيان حجّة المفيد والسلّار
، مع إمكان أن يقال : إنّ مراده بالأواني خصوص ما لا يسع الكرّ. كما يفصح عنه
الوصف ، نظرا إلى أنّ الحصر ممّا لا معنى له ظاهرا إلّا الضيق ـ كما هو أحد معانيه
المذكورة في كلام أهل اللغة ـ فيراد بالأواني المحصورة الأواني الضيّقة. فليتدبّر.
الجهة
الثالثة : إذ قد عرفت أنّ فائدة ما أسّسناه في أوّل عناوين الكتاب من الأصل العامّ
المستنبط عن عمومات طهارة الماء وطهوريّته ، تظهر فيما لو شكّ فيهما من جهة
الطواري بعد إحراز الإطلاق وصدق الاسم بالتفصيل الّذي تقدّم بيانه ، فهل يجوز
إجراء هذا الأصل في مشكوك الكرّيّة وعدمها من جهة الشكّ في المصداق ، كما لو وجد
الماء في غدير ابتداء وكان مردّدا بين الكرّ وما دونه ، أو في اندراج المشكوك فيه
تحت موضوع الكرّ باعتبار الشبهة في شرطيّة شيء له ، أو للحكم المعلّق عليه ،
كالوحدة والاجتماع وتساوي السطوح ونحوه ممّا اختلف في اعتباره في الكرّ موضوعا أو
حكما ـ على ما ستعرف تفصيله ـ أو لا؟ وجهان :
أوّلهما : ما
يظهر عن الرياض حيث قال ـ في الكتاب مستدلا على ما اختاره في
[١] الصنع بالكسر
الموضع الّذي يتّخذ الماء والجمع أصناع ، ويقال له مصنع ومصانع ، والمصنع ما يضع
مجمع الماء كالبركة ونحوها ، والجمع مصانع ، كذا في المجمع (منه).