اسم الکتاب : ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 2 صفحة : 55
بعدد كل شعرة مرّت عليها حسنة». قال: و ان وجد باكيا سكّت بلطف، فعن
العالم (عليه السلام): «إذا بكى اليتيم اهتزّ له العرش، فيقول اللّٰه تبارك
و تعالى:
من هذا الذي
أبكى عبدي الذي سلبته أبويه، فو عزّتي و جلالي و ارتفاع مكاني لا يسكته عبد إلّا
وجبت له الجنة»[1].
و يعزّى
المسلم بقريبه الذمي، و الدعاء للمسلم. و اختلف في تعزية الذمي، فمنعه في المعتبر،
لأنّه موادّة منهي عنها[2] و لقوله (صلّى اللّٰه عليه و آله):
«لا تبدءوهم
بالسلام»[3] و هذا في معناه. و جوزه في التذكرة، لأنّ النبي (صلّى
اللّٰه عليه و آله) عاد يهوديا في مرضه و قال له: «أسلم»، فنظر الى أبيه
فقال له أبوه:
أطع أبا
القاسم فأسلم، فقال النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله): «الحمد للّٰه
الذي أنقذه من النار»، و التعزية في معنى العيادة[4]. و أجيب:
لعلّه لرجاء إسلامه.
و بالغ ابن
إدريس- رحمه اللّٰه- فمنع من تعزية المخالف للحق مطلقا إلّا لضرورة، فيدعو
له بإلهام الصبر لا بالأجر، و يجوز الدعاء لهم بالبقاء، لما ثبت من جواز الدعاء
لهم به في أخبار الأئمة (عليهم السلام). قال: و ليقل لأخيه في الدين: ألهمك
اللّٰه صبرا و احتسابا، و وفّر لك الأجر، و رحم المتوفّى و أحسن الخلف على
مخلّفيه، أو يقول: أحسن اللّٰه لك العزاء، و ربط على قلبك بالصبر، و لا حرمك
الأجر. و يكفي: آجرك اللّٰه[5].
قال: و ليس
في تعزية النساء سنّة[6]. و يدفعه ما سبق.
[1]
بنصه في الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام): 172، و هو ينسب- فيما ينسب
إليه- لعلي بن بابويه. راجع مقدّمة الكتاب ص 37- 42.