الايجاد في الحرام مرجوحة باعثة لنقص العبادة عما هي عليه من الرجحان وخصوصية الايجاد في المسجد راجحة باعثة على زيادة الفضيلة وليس المراد به ان خصوصية الايقاع في البيت مباحة بالمعنى المصطلح كيف وهو متحد مع الايقاع المطلق وإذا وجب المطلق وجبت افراده حسبما عرفت فلا يتعقل القول باباحته الواقعية غاية الامر ان يقال ان تلك الجهة ليست جهة وجوب بل جهة اباحة حيث انه انما يجب الفرد من حيث كونه ايقاعا للصلوة لا من جهة خصوصية كونه في البيت لكن لا يجرى ذلك بالنسبة إلى ما ذكر من الوجوه إذ ليست تلك الخصوصية مكروهة بل الصلوة الملابسة لم مكروهة من جهة نعم يمكن القول به فيما ذكرناه من المثال المطابق لما نحن فيه كالكون في مكان يكره نفس الكون فيه حسبما مثلنا الا انه بعد اتحاد مع الواجب ومصادمته بجهة الوجوب لا يبقى مكروها بمعناه الاصطلاحي لرجحان جهة الوجوب على جهة الكراهة حسبما قدمنا ولو اجرى نظير ذلك بالنسبة إلى الحرام لم يحصل ايضا اجتماع بينه وبين الواجب الملاحظة الترجيح حينئذ بين الجهتين أو المقاومة ويكون الحكم الثابت له على حسبه ولا معنى ايضا لاجتماع الحكمين المطلب الثالث في العموم والخصوص وفيه فصول في الكلام على الفاظ العموم اصل في العموم والخصوص لما كان العموم والخصوص من عوارض الادلة وكان متعلقا بمباحث الالفاظ وكما مر في بحث الاوامر والنواهي عقبوا البحث فيهما بالبحث عن العام والخاص وهو ايضا من المشتركات بين الكتاب والسنة الا ترى انه قد يجرى في غيرهما ايضا في الجملة وكيف كان فالاولى تقديم تعريف العام والخاص ثم الشروع في مباحث الباب وقد اختلفوا في تعريف العام وعرفوه على وجوه شتى وذكروا له حدودا مختلفة وليس ذلك مبنيا على الاختلاف في المحدود بل انما هو من جهة المناقشة فيما يرد على الحدود فاختار كل منهم حدا على حسب ما استجود احدها ما حكى عن ابى الحسين البصري واختاره جماعة وان اختلفوا في زيادة بعض القيود من انه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له ويرد عليه امور منها ان اخذ المستغرق في الحد يوجب الدور إذ هو مرادف للعام نعم لو كان التعريف لفظيا جاز ذلك لكنه غير مقصود في المقام إذا لمراد به كشف الحقيقة وضعفه ظاهر لمنع المرادفة بين العموم والاستغراق مع تسليمه فليس مرادفا للعموم بالمعنى المحدود غاية الامر ان يكون مرادفا للعموم اللغوى ومنها انه ان اريد مما يصلح له الجزئيات التى وضع اللفظ لما يعمها ويصدق عليها كما هو الظاهر من العبارة لم يكن جامعا لخروج الجمع المحلى باللام والمضاف من الحد فان المنساق منهما على المشهور المنصور هو استغراق كل من الاحاد دون المجموع وليس ذلك من جزئيات الجمع وانما هو من اجزائه وان اريد به الاجزاء التى تصلح اللفظ للاطلاق عليها اجمع لم ينطبق على المحدود إذ لا يصدق ذلك على كثير من العمومات فان عمومها من جهة استغراقها الجزئيات دون الاجزاء مضافا إلى عدم كونه مانعا لشموله لساير الالفاظ الموضوعة بازاء المعاني المركبة كاسماء العدد بل الاعلام الشخصية بل ويندرج فيه المركبات نحو ضرب زيد عمروا فان المأخوذ في الحد مطلق اللفظ الشامل للمفرد والمركب مع عدم صدق العام على شئ منها ومنها انه ان اريد بما يصلح له اطلاق اللفظ عليه سواء كان على سبيل الحقيقة أو المجاز لزم خروج معظم الالفاظ العامة لعدم كونها مستغرقة لمعانيها الحقيقية والمجازية معا وان اريد به ما يصلح اطلاق اللفظ عليه حقيقة لخرج عنه نحو رأيت كل اسد يرمى مع انه يندرج في العام ويمكن دفعه بان المراد ما يستغرق جميع ما يصلح له بالنظر إلى المفهوم الذى اريد منه فان كان ذلك المفهوم حقيقيا أو مجازيا كان الاستغراق ملحوظا بالنسبة إليه ومنها انه ان كان المراد باستغراقه لجميع ما يصلح له استغراقه له ومنها لزوم خروج جملة من العمومات من الحد كالنكرة في سياق النفى والجمع المحلى باللام وغيرهما حسب ما بين الحال فيها انشاء الله بل نقول بجريان الاشكال في غيرهما ايضا فان لفظ الرجل في قولك كل رجل عادل ان عد عاما غير مستغرق لجميع جزئياته وضعا وان عد لفظة كل عاما كما يستفاد من ظاهر كلماتهم حيث عدوا لفظ كل وجميع وحوهما من الفاظ العموم فيه غير مستغرقة لجميع جزئياتها إذ ليس كل من الاحاد من جزئيات المفهوم الذى وضعت بازائه حسبما مرت الاشارة إليه في الايراد السابق وان اريد مجرد استغراقه لها ولو من جهة انضمام ساير الشواهد إليه كدليل الحكمة وملاحظة ترك الاستفصال ونحوهما لزم اندراج المطلقات بل وغيرها ايضا في العموم وليس كذلك ولذا اعتبر بعضهم في الحد كون الاستغراق من جهة الوضع حسبما يأتي الاشادة إليه ومنها انه يندرج فيه التثنية والجمع فانهما يستغرقان ما يصلحان له من الفردين أو الافراد ولا يخفى وهنه لوضوح ان التثنية صالحة لكل اثنين وليس مستغرقا لها فغاية الامر استغراقها لما اندرج فيه من الاحاد دون الجزئيات نعم قد يشكل الحال في تثنية الاعلام بناء على الاكتفاء في اثباتها على الاتفاق في اللفظ ويدفعه مع وهنه بفساد المبنى المذكور انه ليس الاستغراق هناك بالنظر إلى الوضع الواحد بل بملاحظة الوضع المتعدد فلو بنى على شمول الحد لذلك فليس ذلك ايضا مستغرقا لجميع ما وضع له غاية الامر ان يشمل معنيين منها نعم لو فرض عدم ذلك العلم الا بشخصين امكن الايراد بذلك على انه لا يجرى الايراد بالنسبة إلى الجمع على الوجه الاول ايضا لا في جمع الاعلام على الوجه الضعيف المذكور نعم لو اريد به جميع الاحاد اندرج في الحد وحينئذ يندرج في العام فلا انتقاض من جهته وعن قاضى القضاء اعتبار قيد اخر في الحد لاخراج التثنية والجمع حيث قال انه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له في اصل اللغة من غير زيادة واراد بقوله من غير زياده الاحتراز عن ذلك فان الاستغراق الحاصل هناك من جهة زيادة علائم التثنية والجمع وفيه مع ضعفه بما عرفت دون زيادة القيد المذكور ويقتضى خروج الجمع المحلى عن الحد فان افادته العموم وانما هي من جهة ضم اللام إليه وكذا الحال في الجمع المضاف ومنها انه يندرج فيه المشترك إذا استعمل في جميع معانيه مع عدم اندراجه في الفاظ العموم ولذا زاد جماعة في الحد منهم الرازي والعلامة في تهذيب والشهيد في الذكرى التقييد بوضع وايضا ليخرج عنه ذلك وربما يحترز به ايضا عن استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه نظرا إلى كون استعماله فيهما بملاحظة الوضع الحقيقي والترخيصي ويدفعه انه ان كان المشترك حينئذ استغراقا لجميع احدا معنييه كان مندرجا في العام والا فلا يصدق الحد عليه ثانيها ما حكى عن الغزالي