الواجب من مقدمته المحللة كما هو الحال في ركوب الدابة المغصوبة إلى الحج فتأمل واما الثالث فيجرى الكلام المذكور بعينه بالنسبة إلى المثال المفروض ايضا فان الدخول والكون المطلق من مقدمات المشى لا نفسه لوضوح كون الحركة في المكان مغايرة للكون فيه وانما المثال الموافق للمقام ان يفرض امر السيد بمشى خمسين خطوة ونهيه عن المشى في دار مخصوصة فاتفق مشى خمسين خطوة هناك وكذا لو امره بخياطة الثوب المعلوم ونهاه عن الخياطة في بيت معلوم فاتى بخياطة الثوب المعين في ذلك المكان ومن البين انه لا يعد مطيعا باداء المأمور به على الوجه المذكور ولا اقل من منع ما ادعوه من الحكم بحصول الاطاعة لو لم نقل بثبوت خلافه قوله سلمنا لكن نمنع إلى اخره قد يقال بانا نقطع بان العبد انما يستحق العقوبة لمخالفة النهى لا لمخالفة الامر إذ مع اتيانه بالخياطة لا وجه لعقوبته على تركها ولو عاقبه المولى على ذلك لذمه العقلاء وعد مستحقا فهو شاهد على حصول الاطاعة من الجهة المذكورة ولذا يصح ان يقول العبد ان عصيتك بالكون في المكان المخصوص فقد اديت مقصودك من الخياطة وفيه ان عدم استحقاق العبد للعقوبة على ترك المأمور به لا يفيد ادائه للمأمور به حتى يصح عده مطيعا من تلك الجهة بل قد يكون ذلك من جهة اسقاط المأمور به باداء غيره وذلك لا يقضى بمخالفة الامر كما هو ظاهر ومرت الاشارة إليه في المباحث المتقدمة والحاصل ان اسقاط المأمور قد يكون بعصيانه وقد يكون باداء ما يكون باعثا على الامر به أو عدم متعلقه وسقوط الامر على الوجه الثاني لا يقضى بحصول العصيان كما هو ظاهر من ملاحظة انقاذ الغريق على الوجه المحرم فان ذلك ليس مما امر الشارع به لكنه مسقط للتكليف بالانقاذ فلا امتثال حينئذ ولا عصيان نعم لو تعلق غرض الامر بخياطة الثوب في غير المكان المفروض تفرع عليه العصيان من تلك الجهة ايضا الا انه مخالف لظاهر الاطلاق وان قلنا بتقييد جانب الامر بالنهي فان ذلك التقييد انما يجيئ من جهة النهى المفروض والجمع بينه وبين الامر لا لتعلق غرض بخصوص الخياطة الحاصلة في غير ذلك المكان قوله حيث لا يعلم ارادة الخياطة هذا ايضا ناظر إلى ما هو الظاهر من الجواب المتقدم من جواز اجتماع الطاعة والعصيان مع كون جهة الامر مطلقه ليتعلق الطلب بالفعل كيفما اتفق وقد عرفت وهنه وانه مخالف لما هو بصدده وبه يبعد ايضا ما مر من التوجيه الاول قوله فإذا اوجد المكلف الغصب بهذا الكون صار متعلقا للنهى قد يقال انه إذا كان الكون المفروض من افراد طبيعة الغصب وكان النهى المتعلق بها متعلقا حقيقة بافرادها الكون المفروض متعلقا للنهى سواء اوجد المكلف كلى الغصب في ضمنه أو لا إذ ليس ايجاد المنهى عنه سببا لتعلق النهى به فلا يتجه ما ذكره من انه إذا اوجد المكلف مطلق الغصب في ضمن الكون الخاص صار متعلقا للنهى ويمكن دفعه بان متعلق الامر والنهى انما هو نفس الطبيعة لكن لا من حيث هي بل من حيث الوجود وقضية ذلك ان يتصف أي فرد من افراد الطبيعة مما يتحقق ايجاد تلك الطبيعة في ضمنه بالوجوب أو التحريم في صورة الترك انما يكون الواجب أو المحرم ايضا امرا واحدا وهو الطبيعة المطلقة من حيث الوجود فليس في تركه بجميع الافراد تاركا لواجبات متعددة ولا تاركا لمحرمات عديدة كما قد يتوهم ذلك بناء على القول بتعلق الامر والنهى بالافراد سيما بالنظر إلى النهى لقضائه بتحريم جميع الجزئيات المندرجة في المهية المفروضة الظاهر في تعدد المحرمات به فظهر بذلك انه مع اتيانه بفرد من الحرام يكون ذلك الفرد متعلقا للنهى قطعا لاتحاد الطبيعة المحرمة به وكون ايجاده عين ايجاد المحرم واما مع ترك الجميع فلا يتصف شئ من تلك الخصوصيات بالتحريم وانما المحرم هو الطبيعة من حيث الوجود نعم يصح الحكم على افرادها بالتحريم من حيث ايجادها مع الطبيعة الا انه لا يستفاد من ذلك اكثر من تحريم نفس الطبيعة بحسب الواقع وتوضيح المقام ان هناك فرقا بين اتحاد الطبيعة مع خصوصية الفرد بحسب الواقع وبين اتحادها معها على فرض وجودها من غير ان يتحقق هناك اتحاد بينهما في الواقع فان الاول قاض بحرمة الفرد قطعا بخلاف الثاني إذ لا يثبت التحريم هناك بحسب الواقع الا لنفس الطبيعة دون افرادها غاية الامر انها على فرض وجودها واتحادها مع الطبيعة يكون متصفة بالتحريم ولا يقضى ذلك باتصافها قبل اتحادها مع الطبيعة ووجود الطبيعة في ضمنها والحاصل ان النهى انما يتعلق بنفس الطبيعة وهى المتصفة بالحرمة بملاحظته ذاتها واتحادها مع الفرد قاض بثوت التحريم لخصوص الفرد المتحد معها فما لم يحصل السبب المذكور لم يصح الحكم بثبوت الحرمة لخصوصيات الافراد نعم يصح الحكم عليها بالتحريم على فرض وجودها حسبما ذكرنا ظهر بما قررنا صحة ما ذكره المصنف رحمه الله من التعبير قوله فمتعلق الامر في الحقيقة انما هو الفرد إلى اخره وقد يستفاد من البيان المذكور سيما من هذه العبارة ذهاب المصنف رحمه الله إلى تعلق الاوامر والنواهي بالافراد وهو قول مرغوب عنه عند المحققين وانما المختار عندهم تعلقها بالطبايع وقد نص عليه المصنف فيما مر وفيه ما عرفت من ان الحكم بتعلقهما بالافراد انما هو بتسرية الحكم من الطبيعة إليها الا انها بنفسها يتعلق بها الاوامر والنواهي من اول الامر كما هو ظاهر القائل بتعلقهما بالافراد والظاهر ان المختار عند المحققين هو تعلقهما بالطبايع من حيث الوجود وهو يرفع إلى مطلوبية الفرد فان وجود الطبيعة في الخارج عين وجود الفرد فيكون الامر بالطبيعة على الوجه المذكور عين الامر بالفرد ولكن لا مطلقا بل من حيث انطباق الطبيعة عليه وهذا هو الفرق بين القولين حسبما فصلنا القول في محله لا يذهب عليك ان ما قرره المصنف هنا يوافق القول بتعلقهما بالطبايع على الوجه الذى قررنا وليس مبنيا على اختيار تعلقهما بالافراد بل انما ينافيه حسبما اشرنا إليه قوله باعتبار الحصة التى في ضمنه من الحقيقة الكلية إلى اخره يريد ان الفرد انما يؤمر من جهة الحصة الحاصلة في ضمنه من الطبيعة الكلية بناء على القول بوجود الكلى الطبيعي خارجا في ضمن الافراد على ابعد الرأيين فيه ولا على القول الاقرب وهو وجوده بعين وجود افراده فالامر اظهر ان اريد به ان وجود الفرد وانت خبير بان القول بوجود الكلى الطبيعي في الفرد بحسب الحقيقة ملفق من وجودين أو اكثر اعني وجود الطبيعة وساير العوارض المكتنفة بها لما تقرر من انه لا اتحاد بينهما بملاحظة وجود لكل منها في حد ذاته فتكون الطبيعة موجودة في ضمن الفرد بهذا المعنى ان كانت تلك الطبيعة عين تلك العوارض في بعض الاعتبارات لاتحادهما بحسب الوجود ايضا اتحادا عرضيا فيكون الطبيعة حينئذ عين افرادها بتلك الملاحظة فليس هذا ابعد الرأيين في