ومع البناء على حصول ترك الشئ بتركه في آن ما يلزم ان يكون تركه في كل آن متعلقا للمنع بناء على استلزام المنع من الشئ المنع من جميع افراده في جميع الازمنة كما هو مختار القائل بدلالة النهى على الدوام فلا يصح البناء على الفرق بين الامرين ودعوى كون المنع من الترك تابعا لايجابه فلو لم يكن ايجابه على سبيل التكرار ولم يكن المنع منه لذلك مدفوع بانا نقرر الكلام على فرض دلالة الامر على طلب مطلق الطبيعة كما هو مختار معظم المحققين فيكون المنع من الترك التابع للامر هو المنع من ترك نفس الطبيعة كما هو مدلول ساير النواهي الواردة من غير فرق اصلا فإذا صدق ترك الطبيعة بترك جميع افرادها في آن واحد لزم ان يكون متعلقا للمنع اداء المفروض تعلق المنع بترك الطبيعة وقضاء بتركها في جميع الازمان فلزم من ذلك ان يكون ايجادها في زمان نعم لو قلنا بدلالة الامر على المرة ثم ما ذكر الا انه غير ما هو المفروض في التقرير المذكور فظهر بما قررنا صحة ما ذكرنا من كون مفاد ترك الطبيعة تركها في جميع الازمان وهو الذى يتعلق المنع عند الامر بالفعل ويحصل امتثاله باداء المطلوب ولو مرة واحدة كما مر بيانه في محله وقد تبين بملاحظة جميع ما بيناه ضعف ما اورده المحقق المحشى رحمه الله من منع اقتضاء النهى سلب جميع الافراد فان ورد النفى على المفهوم اجزاء وانشاء يتصور على وجهين ووروده في ضمن جميع افراده ووروده عليه في الجملة بحيث يصلح تحققه في ضمن السلب الكلى والسلب الجزئي فلا يلزم ترك جميع الافراد ولو في آن واحد ايضا انتهى ملخصا كيف وصريح العرف ينادى بخلاف ما ذكره وليس المطلوب بالنهي الا عدم ايجاد الفعل كما مر وهو رفع لما هو المطلوب بالامر وكيف يعقل رفع ايجاد الفعل مع فرض الاتيان به ولو صح ما ذكر لما امكن عصيان النهى لعدم امكان الاتيان بجميع افراد الفعل ولا محالة يكون الحال ببعض الافراد المنهى عنه تاركا لبعضها بل ما يأتي به مما لا يتناهى من افراده فيكون مفاد النهى امرا بفرد حسب الحصول فما ذكره من الاحتمال فاسد قطعا لا مجال للخلاف فيه فدلالة النهى على كون المطلوب ترك جميع افراد المنهى عنه ولو في زمان واحد مقطوع به غير قابل للنزاع انما الكلام في دلالته على اعتبار دوام الترك المفروض وعدمه وقد عرفت دلالته على ذلك حسبما بيناه ثانيهما ان يكون مقصوده بذلك الرجوع إلى المتبادر من الصيغة هو المنع من ادخال ماهية الفعل في الوجود مطلقا وذلك انما يتحقق بعد ادخال شئ من افرادها في الوجود فيكون قوله إذا نهى السيد إلى اخره استشهادا بالمثال المذكور على حصول التبادر وعد جماعة منهم الامدي والعلامة في النهاية والفاضل الجواد ذلك دليلا برأسه على المطلوب وهو رجوع إلى التبادر المدعى ويدفعه حينئذ المنع من استناد التبادر إلى نفس اللفظ وانما ذلك من جهة استلزام مدلول اللفظ فالانتقال إليه انما يكون بتوسط ذلك فان اريد بذلك الاستناد إليه في وضع النهى للدوام فهو ممنوع وان اريد التمسك به في استفادته الدوام منه في الجملة فمسلم ومرجعه إلى ما قررناه وقد يمنع من حصول التبادر وفهم العرف للدوام وهو ضعيف كما عرفت نعم لو قام هناك قرينة على ارادة الدوام لم يفهم منه ذلك كما لو اشتغل احد بضرب زيد فيقول له لا تضرب زيدا فان المستفاد حينئذ من اللفظ نهيه عما يقع منه من الضرب دون منعه منه على سبيل الدوام كما هو الحال في نواهى الطبيب بالنسبة إلى المريض فالاستشهاد بذلك على المنع من حصول التبادر بالنسبة إلى المجرد عن القرينة كما هو محط النظر في المقام كما ترى هذا وقد يستدل ايضا على القول المذكور بوجوه اخر منها دعوى الاجماع عليه فان العلماء لم يزالوا يستدلون بالنواهي على الدوام من غير نكير وقد حكى ذلك عنهم جماعة من الخاصة والعامة فمن الخاصة العلامة في النهاية والسيد العميدي في المنية وشيخنا البهائي في الزبدة والفاضل الجواد والتونى في الوافية وغيرهم ومن العامة الحاجبى والعضدي وغيرهما ويرد عليه مثل ما مر من عدم دلالة ذلك على حصول الوضع غاية الامر حصول الاستفادة ولو من جهة الالتزام العقلي أو العرفي فان اريد بذلك بيان حصول مجرد الدلالة في الجملة فهو متجه وان اريد بالاستناد إليه في حصول الوضع فهو ضعيف ودعوى اصالة كون الدلالة تضمنية عند الدوران بينهما وبين الالتزامية مما لا يعرف الوجه فيه والقول بان الدلالة الالتزامية مغايرة بالذات لدلالة المطابقية بخلاف التضمنية لايجادهما بالذات وتغايرهما بحسب الاعتبار فباصالة عدم تعدد اصل الدلالة يترجح كون الدلالة في المقام تضمنية مما لا يصغى إليه لو سلم قضاء الاصل بذلك لدوران الامر في المقام مدار الظن وعدم حصوله من التخريج المذكور واضح جدا ثم انه قد يمنع في المقام من جريان طريقتهم على ذلك أو من دلالته على فرض ثبوته على فرض استفادته من اللفظ فقد يكون ذلك من جهته انضمام القراين ولا وجه له بعد نقل الجماعة استنادهم في فهم الدوام إلى مجرد النواهي الواردة ومنها ان مبادى الافعال نكرات في المعنى فإذا وردت في سياق النفى أو النهى افادت العموم واورد عليه بالمنع من جريان ذلك في المصادر التى في ضمن الافعال سيما في المقام غاية الامر ان يسلم ذلك في النكرة المصرحة ويدفعه فهم اشتراك بالعرف وقد يورد عليه ايضا بان غاية ما يستفاد من النكرة في سياق النفى الحكم عن جميع الاوقات والازمان فلا الا ترى ان قولك لا رجل في الدار لا يفيد نفى وجود الرجل فيها في كل زمان وفيه انه انما يتبع الزمان الذى وقع الحكم بالنسبة إليه من الماضي والحال والاستقبال ويفيد عدم الحكم بالنسبة إلى ذلك الزمان ان كان قابلا له واما قولك لا رجل في الدار فلا يفيد الا النفى في الحال كما هو قضية الجملة الا سمية في الاثبات فالاولى الايراد عليه بانه لا دلالة في ذلك على ثبوت الوضع سيجيئ بيانه انشاء الله من عدم وضع النكرة في سياق النفى للعموم فان اريد بما ذكر انحصار الموضوعية للعموم لم يتجه ذلك والا كان وجها كما عرفت ومنها ما اشار إليه شيخنا البهائي في حاشية الزبدة وحكاه الفاضل الجواد في الشرح وهو ان ترك الفعل في وقت من الاوقات امر عادى للمكلف حاصل منه بحسب العادة فلا حاجة إلى المعنى فلو لم يكن النهى مفيدا للدوام لكان صدورها من الحكيم لغوا واورد عليه تارة بان من قال بان النهى للمرة قال بالفور كما هو ظاهر من كلام بعضهم حيث صرح بان النهى لا يفيد الانتفاء الا الانتفاء في الوقت الذى وقت النطق بالنهي فلا يلزم عيب على مذهبهم وكذا عند من يجعله مشتركا فانه يتوقف في الحكم إلى ان يظهر دليل وحينئذ فلا يلزم من كون الترك عاريا