وجهه المحقق المحشى رحمه الله بان المراد بالمنع هنا غير المصطلح بل المنع اللغوى فالمقصود ابطال ما ذكره من كون العدم غير مقدور نظرا إلى ما اقام عليه الدليل فيكون ذلك معارضة للدليل المذكور ويكون قوله فان قيل معارضة على المعارضة وقد صرح بعضهم بجوازه نعم وقعت المعارضة الثانية بعين ما ذكر في الدليل ولا يخفى قبح اعادته قلت يمكن حمل المنع في كلامه على المنع المصطلح والوجه فيه انه لما كانت المقدمة المذكورة مستدلا عليها في كلامه توقف ورود المنع عليها على ابطال دليلها فجعل ما يبطل به الدليل المذكور على وجه المعارضة سندا للمنع فيكون ذكر السند في المقام مصححا لورود المنع إذا بعد ابطال ما اقامه من الدليل عليها يبقى المقدمة المذكورة خالية عن الدليل فيصح توجيه المنع إليها فلما كانت قضية المعارضة المذكورة لما ذكره من الدليل على ابحات تلك المقدمة ثبوت تأثير القدرة في كل من الوجود والعدم حيث ذكر ان تأثير صفة القدرة في الوجود فقط وجوب لا قدرة اورد عليه بانه لابد للقدرة من اثر عقلا ضرورة كون التأثير مستلزما للاثر والعدم غير صالح لذلك لكونه نفيا محضا ولانه لابد من استناد الاثر إلى المؤثر وهو غير ممكن في المقام حسب ما قرره فالملحوظ في المقام نفى كون الاثر العدم اثرا للقدرة ليلزم من ذلك نفى تأثير القدرة فيه ليتفرع عليه نفى كونه مقدورا إذ المقدورية يستدعى تأثير القدرة فيه حسب ما اعترف المستدل به والوجه الاول من هذين الوجهين غير مذكور في كلام المستدل والثانى وان كان غير ما ذكره المستدل الا انه انما ذكر في المقام لدفع كون العدم اثرا للقدرة ليتفرع عليه عدم مقدوريته والمستدل انما اخذ ذلك حجة على عدم المقدورية من اول الامر وهذا القدر كاف في التفاوت مضافا إلى اشتمال ما ذكره ثانيا على بيان جواب اخر عن اصل الاستدلال فلا يخلو اعادته عن فايدة فتحصل مما ذكر جوابان عن الاستدلال احدهما المنع من عدم مقدورية العدم حسبما قررناه والاخر اثبات مقدوريته في الزمان المتأخر عن الصيغة وان جعلهما جوابا واحدا أو جعل الجواب الثاني دفعا لما يورد على الجواب الاول فتأمل قوله باعتبار استمراره إلى اخره هذا الوجه جواب عن الايراد الاخر وكانه لم يتعرض للجواب عن الاول اكتفاء بما ذكر في الجواب عنه فان لاستمرار العدم حظا من الوجود ولذا يستند في ملاحظة العقل إلى اختيار المكلف ويترتب ذلك عليه فلا يكون اثر القدرة نفيا محضا حسب ما ادعاه المستدل لكنك خبير بان عدم الفعل نفى محض بحسب الخارج لا تأثير ولا تأثر فيه اصلا وليس استمرار العدم امرا حاصلا بحسب الواقع وانما هو اعتبار عقلي محض ثبوته في العقل كمفهوم العدم فتأثير صفة القدرة فيه بحسب الخارج غير معقول والحق ان يقال ان مقدورية الفعل انما يكون باقتدار الفاعل على قطع استمرار العدم بالتأثير في الوجود لا بتأثيره في العدم ايضا وان صح بذلك حكم العقل باستناد عدم المعلول إلى عدم علته فان مناط الحكم بالاستناد المذكور وهو عدم حصول الامر عند عدم حصول التأثير لا بتأثير الفاعل في عدمه فالمراد باستناد عدم المعلول إلى عدم علته والترتب العقلي الحاصل بينهما في لحاظ العقل هو ذلك لا بتأثير العدم في العدم كيف وحصول التأثير والتأثر غير معقول من الاعدام فليس تأثير القدرة في المقام الا في جهة الوجود ويكون العدم مقدورا بذلك ايضا وحينئذ فما ادعاه المجيب من لزوم وتأثير القدرة في كل جانبى الوجود والعدم والا كان وجوبا لا قدرة كما ترى ويمكن تنزيل كلامه على ما ذكرنا فيكون مقصوده بالتأثير في العدم هو مفاد الترتب العقلي المذكور وهو لا ينافى كون عدم الفعل نفيا محضا بحسب الخارج قوله ان النهى كالامر في عدم الدلالة على التكرار إلى اخره يمكن تقرير النزاع في ذلك على نحو الامر فيكون الكلام في وضع الصيغة له فالقائل بدلالتها على الدوام يقول بوضعها لخصوص ذلك والقائل بكونها للاعم يجعل مفادها مجرد ترك الطبيعة في الجملة ويمكن تقريره في الدلالة الالتزامية فيقال ان النهى موضوع لطلب ترك الطبيعة لكن هل يستلزم ذلك الدوام والتكرار أو لا بل هو اعم من الامرين وعلى هذا فيجرى الكلام في كل طلب معلق بالترك وان كان بصيغة الامر كاترك وانته وكف ونحوها وكذا في مادة النهى كانهاك عن كذا أو نهانا عن كذا ونحو ذلك أو يخرج عنه ما يكون امرا بصورة النهى نحو لا تترك ويمكن تقرير النزاع في الاعم من الوجهين المذكورين فيصح للقائل بدلالتها على الدوام والاستناد إلى كل من الوجهين المذكورين فلا بد للنافى من ابطال كل منهما والظاهر البناء في تحرير محل النزاع على احد الوجهين الاخيرين ثم ان المقصود بالتكرار هنا هو خصوص الدوام لا مسمى التكرار كما مر احتماله في الامر وان كان الظاهر هناك ايضا خلافه ولذا عبروا هيهنا عن التكرار بالدوام ثم ان المقصود بالدوام هل هو خصوص التأبيد أو الدوام مدة العمر أو يرجع فيه إلى العرف فيختلف بحسب اختلاف الافعال والاحوال وجوه اظهرها الاخير وهل المطلوب خصوص الترك المستدام فيتوقف حصول الامتثال على ترك الكل من غير ان يحصل هناك امتثال بالنسبة إلى خصوص التروك الحاصلة في كل من الازمنة اوان كل ترك منها مطلقا في نفسه مع قطع النظر عن انضمام الاخر إليه فينحل ذلك إلى تكاليف عديدة وان عبر عن الكل بتعبير واحد وجهان اظهرهما الثاني كما شهد به العرف وهل الكلام في وضع الصيغة المطلقة للدوام أو لما يستلزمه فلا تجرى في النواهي المقيدة بزمان أو في وضع مطلق الصيغة فيلزم التجوز في بادى الرأى فيما يفيد بخصوص بعض الازمنة بناء على القول بوضعه لذلك وعلى هذا يلزم من التزام التجوز في معظم النواهي الواردة وسنبين لك ما هو الحق في المقام هذا ولهم في المسألة قولان معروفان اشار المصنف رحمه الله اليهما احدهما اقتضاؤه للدوام ذهب إليه الامدي والحاجبي والعضدي واختاره جماعة من علمائنا منهم المصنف رحمه الله والعلامة في النهاية والسيد العميدي وشيخنا البهائي وتلميذه الفاضل الجواد وغيرهم وعزاه في النهاية والمنية والزبدة إلى الاكثر وحكاه الشيخ عن اكثر المتكلمين والفقهاء لمن قال بان الامر يفيد المرة ومن قال بانه يفيد التكرار وقال الامدي في الاحكام اتفق العلماء على ان النهى عن الفعل يقتضى الانتهاء عنه دائما وقال العضدي النهى يقتضى دوام ترك المنهى عنه عند المحققين اقتضاء ظاهرا فيحمل عليه الا إذا صرف عنه دليل ثاينهما نفى دلالتها على ذلك ذهب إليه جماعة من علمائنا منهم السيد والشيخ والمحقق والعلامة في تهذيب وعزاه الامدي إلى بعض الشاذين والعضدي