responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية المسترشدين المؤلف : الرازي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 319
الفعل راغبا فيه ليتعلق التكليف اذن بالكف ويرد عليه ان فيه خروجا عن ظاهر الاطلاق من غير جهة باعثة عليه وما ذكر من الوجه يتم معه ان كان ورد التكليف على الوجه المذكور لا وقوعه كيف ولم يعتبره الشارع في جانب الامر إذ لم يقل احد بعدم شمول الاوامر لمن يريد المأمور به ويرغب إليه ويأتى به مع قطع النظر عن امر الشارع به وحينئذ فالتزام القائل المذكور بذلك في جانب النهى بعيد جدا سيما وقد ذهب جماعة من الاجلة إلى اطلاقه على نحو الامر كما هو ظاهر المفهوم من النهى في العرف بل الظاهر انه لا مجال لتوهم عدم تحريم المحرمات على غير الراغب فيها فيظهر من ذلك وهن القول المذكور جدا ان حمل على ظاهره ويمكن ان يقال في توجيهه ان المراد بالكف هو الميل عن الفعل والانصراف عنه عند تصور الطرفين سواء حصل إلى الرغبة إلى الفعل اولا فان العاقل المتصور للفعل والترك لابد من ميله إلى احد الجانبين فالمراد بالكف هو ميله إلى جانب الترك لان يتعلق الطلب به بخلاف الايجاد إذ لا مانع من تعلق الطلب به فيكون الميل المذكور من جملة مقدماته وحينئذ فلا فرق بين القولين المذكورين الا بالاعتبار حيث يقول القائل بتعلق الطلب بالكف كون المطلوب هو ميل النفس عن الفعل وانصرافه عنه وبقول القائل بتعلقه بالترك كون الملكف به نفس الترك المسبب من ذلك المتفرع عليه وكأنه إلى ذلك نظر بعض شراح المنهاج حيث عزى إليه القول بعدم الفرق فين القولين المذكورين ويشير إليه ما ذكره التفتازانى في المطول من تقارب القولين وكيف كان فالمختار ما اختاره المصنف من كون متعلق الطلب في النهى هو الترك إذ هو المتبادر من الصيغة بعد ملاحظة العرف والتأمل في الاستعمالات ولان الذم والعقوبة انما يترتب على مخالفة المأمور لما طلب منه فان كان المطلوب بالنهي هو الكف لزم ان لا يتعلق الذم والعقوبة به لفعل المنهى عنه بل على ترك الكف عنه ومن الواضح خلافه وعلى القول بكون المطلوب هو الترك يصح وقوع الذم والعقوبة على الفعل إذا هو في مقابلة الترك ويشهد له ايضا ان مفاد المادة هو الطبيعة المطلقة كما مر في الامر وحرف النهى الواردة عليها انما يفيد نفيها ومفاد الهيئة الطارية على ترك المادة هو انشاء الطلب فالمتحصل من المجموع هو طلب عدم ذلك الفعل اعني طلب الترك ويفيده ايضا ان الامر طلب لايجاد الفعل فيكون النهى المقابل له طلبا لتركه وما يتخيل في دفع ذلك ولزوم صرف الطلب إلى الكف بدعوى عدم مقدورية العدم فلا يمكن تعلق التكليف به واه جدا كما سيجئ انشاء الله تعالى قوله يعد في العرف ممتثلا على انه لم يفعل لا يخفى ان صدق الامتثال موقوف على كون الترك لاجل النهى لا لجهة اخرى وحينئذ يمدح على ترك الفعل من جهة تعمده الترك لاجل النهى وهو مفاد الكف عن الفعل فلا دلالة في ذلك على كون المطلوب نفس الترك وفيه ان حيثية الكف مغايرة للجهة المذكورة ان كان صادقا له فحصول المدح على الجهة المذكورة شاهد على كون المطلوب نفس الترك حتى عد الترك الحاصل من جهة النهى امتثالا فان حقيقة الامتثال والاتيان بما كلف به من جهة كونه مكلفا به فلو كان المكلف به هنا هو الكف لكان الامتثال حاصلا به من الجهة المذكورة لا من جهة الترك فلما وجدنا حصول الامتثال بمجرد الترك الحاصل على الوجه المذكور دل على كونه هو المكلف به في النهى هذا ومرجع الدليل المذكور إلى ما ذكرناه من التبادر وقد يستدل عليه ايضا بانه كثيرا ما يترك الحرام مع ارادة الفعل على وجه لو حصل له القدرة عليه لاتى به أو من دون ارادة اصلا وعلى الوجهين لا يحصل الكف فلو كان المكلف به هو الكف لزم حينئذ فواته ويلزمه ترتب العقاب واورد عليه بالتزام ترتب العقاب في المقام بكون العزم على ترك الحرام من احكام الايمان والمفروض انتفاؤه في الصورتين فيترتب العقاب عليه وضعفه ظاهر فان العصيان حينئذ على فرض تسليمه انما يترتب على مخالفة تكليف دون ترك المكلف به بالتكليف المفروض إذا لا يصدق مخالفته للنهى المذكور قطعا وان حصل عزمه على المخالفة في الصورة الاولى وترك العزم على الطاعة في الثانية فلو كان المطلوب في النهى الكف لصدق مخالفته لنفس النهى المذكور ايضا لانتفاء مطلوبه الذى هو الكف ومن الواضح خلافه قوله احتجوا بان النهى تكليف إلى اخره محصله ان النهى تكليف ولا شئ من التكليف متعلقا بغير المقدور فلا شئ من النهى يتعلق بغير المقدور وكل عدم غير مقدور فلا شئ من النهى متعلقا بالعدم والمقدمات المأخوذة في الاحتجاج المذكورة مسلمة الا الكبرى الاخيرة فبينه بقوله لكونه عدما اصليا إلى اخره هذا وقد يستدل ايضا على ذلك بوجه اخر اشار إليه في غاية المأمور وحاصله ان الامتثال انما يتحقق بالكف عن الفعل والثواب انما يترتب عليه دون مجرد الترك فما تعلق الطلب به هو الذى ترتب الامتثال والثواب عليه واجاب عنه بالمنع من ترتب الثواب على الكف بل انما يترتب الثواب على الترك من دون مدخلية الكف وانت خبير بان حصول الامتثال وترتب الثواب انما يتصور فيما إذا ترك المنهى عنه لاجل نهيه عنه واما إذا تركه لاجل امر اخر مع علمه بالنهي أو عدمه فليس ذلك قاضيا بصدق الامتثال ولا باعثا على ترتب الثواب حسب ما مر بيانه لكن لا يقتضى ذلك بعدم حصول المطلوب بالترك المفروض لما عرفت من الفرق بين اداء الواجب وترك المحرم وحصول الامتثال فقول ان تحقق الامتثال وترتب الثواب انما هو في صورة الكف على فرض تسليمه لا يقضى بتعلق النهى بالكف إذ تعلق النهى بالترك لا يستدعى حصول الامتثال بمجرد الترك كما ان تعلق الامر بالفعل لا يقضى بحصول الامتثال بمجرد لاتيان به بل يتوقف ايضا على كون ادائه من جهة امر الامر به وبدونه بكون اداء للواجب من غير ان يكون امتثالا كما مر تفصيل القول فيه فبما زعمه المستدل من الملازمة مم ولو سلم ذلك نقول ان حصول الامتثال وترتب الثواب حينئذ انما هو من اجل الترك دون الكف وان كان مجامعا له إذ مجرد حصول الكف حينئذ لا يستدعى كون الامتثال من جهته لما عرفت من الفرق بين الامرين وكون الامتثال حاصلا من جهة الترك فان اراد المجيب ترتب الامتثال عن الترك ترتب عليه في الصورة المفروضة المجامعة للكف فهو كذلك وان اراد ترتبه على مجرد الترك كيفما حصل فهو بين الفساد لما عرفت قوله المنع من انه غير مقدور لما كانت المقدمة المذكورة مستدلا عليه في كلام المستدل ولم يتعلق المنع المذكور بشئ من مقدمات دليله لم يتجه الايراد عليه بالمنع ولذا


اسم الکتاب : هداية المسترشدين المؤلف : الرازي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست