ولكنك عرفت ضعف هذا الدليل , وأنّ تعيّنه بالأصالة فضلا عن كونه بالعرض لا يغني عن تعيينه بالقصد , ولذا لا يكفي قصد القربة في صلاة الفريضة في وقتها المختص وإن قلنا بأنّه لا يصح فيه غيرها مطلقا.
اللهم إلّا أن يقال برجوعه إلى قصد التعيين , كما قيل بذلك في رمضان , وهو لا يخلو عن تأمّل.
(وقيل : لا , وهو الأشبه) لأنّا لو سلّمنا أنّ العزم على أن يصوم غدا قربة إلى الله , مرجعه لدى التحليل إلى : العزم على إيجاد القسم الخاص الذي يصحّ التقرّب به , فإنّما يجدي ذلك في مثل شهر رمضان الذي يتعيّن فيه صومه , ولا يقع فيه صوم آخر , وأمّا في النذر المعيّن فالزمان في حدّ ذاته صالح لسائر أنحاء الصوم , فلو غفل عن نذره , ونوى قسما آخر من الصوم , فلا مانع عن صحته , بل قد يقال بذلك مع العمد أيضا وإن أثم بمخالفة النذر.
وهو وإن لا يخلو عن تأمّل , ولكنه لا تأمّل في صحته مع الغفلة عن النذر ؛ لأنّ تعلّق النذر بصوم ذلك اليوم لا يصلح مانعا عن صحّة صومه تطوّعا أو نيابة عن ميّت , أو نحو ذلك لدى الغفلة عن نذره , كما تقرّر في محلّه , فلا ينحصر الصوم المقرّب بالنسبة إليه في خصوص صوم النذر.
نعم , لو قيل بأنّه لا يصحّ منه صوم آخر أصلا ولو مع الغفلة عن نذره , اتّجه دعوى رجوعه إلى قصد التعيين.
ولكن المبني ضعيف , مع ما في أصل الدعوى من التأمّل , كما تقدّمت الإشارة إليه.