وعن الاستبصار : أنّه وجّه الصحيحة بأنّ المراد أنّه لا يفسده شيء إفسادا لا ينتفع بشيء منه إلّا بعد نزح جميعه إلّا ما يغيّره , لأنّه إذا لم يتغيّر ينزح منه مقدار وينتفع بالباقي [٢].
أقول : إنّما التجأ إلى مثل هذا التوجيه الذي يتوجّه عليه وجوه من الاعتراض بعد التزامه بالنجاسة لترجيح أخبارها فرارا عن طرح مثل هذه الصحيحة المشهور نقلها عن ابن بزيع , ولعمري أنّ طرح الرواية وردّ علمها إلى أهله أولى من إبداء هذا النحو من الاحتمالات العقلية التي لا يكاد يحتمل المخاطب إرادتها من الرواية , خصوصا في جواب المكاتبة.
وأضعف من ذلك احتمال أن يكون مراده عليهالسلام من الإفساد : القذارة والكثافة , لا النجاسة , إذ لا يعقل تنزيل كلام الإمام المبيّن للأحكام في جواب من سأله عن حكم البئر مكاتبة أو مشافهة على هذا المعنى الذي لا يشتبه على أحد من العوام , فضلا عن أن يستدلّ له بقوله عليهالسلام : «لأنّ له مادّة».
فالإنصاف أنّ الصحيحة صريحة في المطلوب بحيث يتعذّر ارتكاب التأويل فيها , فلا بدّ من طرحها على تقدير وجود معارض يكافئها من حيث الدلالة , ويترجّح عليها من حيث الصدور أو جهة الصدور.
[١]التهذيب ١ : ٢٣٤ ـ ٦٧٦ , الوسائل , الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق , الحديث ٧.
[٢]حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ١ : ٥٦ , وصاحب الجواهر فيها ١ : ١٩٤ , وراجع : الاستبصار ١ : ٣٣ ذيل الحديث ٨٧.
اسم الکتاب : مصباح الفقيه المؤلف : الهمداني، آقا رضا الجزء : 1 صفحة : 158