بجواز التباعد
بثلاث مائة ذراع [١] ، وعن الخلاف من تحديده البعد الممنوع منه بما يمنع من
مشاهدة الإمام والاقتداء بأفعاله [٢]. ومجرّد ذلك غير قادح في حكم الحدس بالإجماع. مع أنّ
كلامهما كما صرّح به جماعة [٣] غير صريح بل ولا ظاهر في المخالفة ، فيكون البطلان به
مجمعا عليه.
وهو الدليل له ،
دون ما قيل من الأصل ، وعدم مصحّح للعبادة معه ؛ لأنّ الأصل يندفع بالإطلاقات ،
وهي أيضا كافية في التصحيح.
والقول بعدم
انصرافها إلى من يبعد بهذه المثابة واه ؛ لأنّ التحديد في ذلك موكول إلى الشرع ولا
مدخليّة لغيره فيه ، فلا انصراف إلى حدّ قبل تحديده.
ولا يبطل بما دونه
؛ لما مرّ من الأصل والإطلاق المؤيّدين بالشهرة العظيمة الّتي ـ كما قيل ـ كادت أن
تكون إجماعا [٤].
خلافا للمحكي عن
الحلبي وابن زهرة [٥] ، فمنعا عن البعد بما لا يتخطّى ؛ للصحيحة والرواية
المتقدّمتين [٦].
وقد عرفت ما في
الاستناد إليهما من الإجمال في هذا اللفظ.
ولو استندا في
التقدير فيهما بمسقط جسد الإنسان لأجبنا بعدم دلالة الصحيحة على وجوبه ؛ لإتيانه
فيه بالجملة الخبرية. بل في الإتيان بقوله : « ينبغي » وضمّه مع تواصل الصفوف
وتماميّتها دلالة واضحة على الاستحباب ، بل ـ كما قيل [٧] ـ هي أظهر من
دلالة : « لا صلاة » على الفساد. مع أنّه إذا جعل المبدأ المسجد فلا يكون لهما
كثير مخالفة مع المختار ـ سيّما مع احتمال إرادة مسقط تمام