وقريب منه كلام
المعتبر والمنتهى [١] ، وكلامهما كالصريح في أنّ البناء على اليقين إنّما يحصل
بالبناء على الأكثر ، لا الأقلّ.
ومن هنا يظهر فساد
نسبة القول بالبناء على الأقلّ إلى السيد في الناصريّات ، لأنّ ما أوجب هذه النسبة
إليه قوله فيها ـ في ذيل قول جدّه الناصر : ومن شكّ في الأوليين استأنف ، ومن شكّ
في الأخيرتين بنى على اليقين ـ : هذا مذهبنا ، وهو الصحيح عندنا ، وباقي الفقهاء
مخالفون في ذلك [٢]. انتهى.
وفي قوله هذا أيضا
دلالة على ما ذكرنا ، لأنّ مذهب المخالفين البناء على الأقلّ وسجدة السهو ، وكتبهم
بذلك مشحونة ، ودلائلهم عليه مشهورة.
قال البغوي في شرح
السنة بعد ذكر رواية مصرّحة بالبناء على الأقلّ مطلقا في الشك في الركعات عن صحيح
مسلم : هذا الحديث يشتمل على أحكام ، أحدها : أنّه إذا شك في صلاته فلم يدر الركعة
يأخذ بالأقلّ. والثاني : أنّ محل سجدتي السهو قبل التسليم. أمّا الأوّل فأكثر
العلماء على أنّه يبني على الأقلّ ، إلى آخره [٣].
هذا مع احتمال
البناء على اليقين والنقص معنى آخر ، ذكره الحلّي في توجيه كلام السيد ، زعما منه
كون البناء في كلامه البناء على الأقلّ ، وهو : البناء عليه بعد التسليم والخروج
عن الصلاة ، قال : فقبل سلامه يبني على الأكثر ، لأجل التسليم ، وبعده يبني على
الأقلّ ، كأنّه ما صلّى إلاّ ما تيقنه ، وما شك فيه يأتي به ، ليقطع على براءة
ذمته [٤].
وبالجملة فهذه
الأخبار موافقة لما مرّ ، ولو قطع النظر عنها فمعارضتها له غير معلومة ، ولو سلّم
التعارض فالمكافأة مفقودة.