إلى عينها ، أو
إلى المسجد ، أو إلى الحرم. وورود التحويل إلى الكعبة في الأخبار لعلّه لاستلزامه
التحويل إليهما ، فعبّر بأشرف أجزائهما ، وليس هذا من باب الأمر والنهي المثبت لما
هو مدلول اللفظ ، بل إخبار عنه.
ولتعارض ما دلّ
على كون ما بين المشرق والمغرب قبلة مع ما ينفي ذلك ، كموثّقة عمّار : في رجل صلّى
على غير القبلة ، فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته ، قال : « إن كان
متوجّها فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة حين يعلم » [١] الحديث.
ولعدم التفرقة لغة
وعرفا بين التوجّه إلى الشيء ونحوه الواردين في رواية الاحتجاج ، بل كلاهما
متّحدان كما ذكرنا.
وأما التفصيل
الواقع فيها فيمكن أن يكون باعتبار الإطاعة في الأمر بالعبادة في مكة وبالإطاعة في
الأمر بها في سائر البلدان ، لا في الإطاعة في الأمر بالتوجّه إلى العين وإلى
النحو ، بل الأول أظهر وأليق.
ولمنع لزوم بطلان
صلاة بعض الصف أو أهل إحدى البلدتين ، لإمكان كون تجويز محاذاة العين كافيا عند
تعذّرها ، وهو لكلّ من المصلّين متحقّق.
وبالجملة كلام
هؤلاء في المقام غير خال عن القصور والاضطراب وإن جرى عليه أعاظم الأصحاب.
والصواب أن يتكلّم
أولا في القبلة ، ويجعل هي الكعبة بالأخبار والأدلّة كما ذكرنا ، ويردّ قول من
جعلها المسجد أو الحرم ، ثمَّ يتكلّم في وظيفة من لا يتمكن من العلم بها من التحري
بالرجوع إلى العلامات المقرّرة شرعا فيما توجد فيه ، وبما يحصل الظن باستقبال
الكعبة عرفا ، لأدلّة التحرّي ، ثمَّ يتكلّم في وظيفة من لا يتمكن من التحرّي
وتحصيل الظن أيضا ، وقد ذكرنا المسألة الاولى ونذكر البواقي أيضا.
[١] الكافي ٣ : ٢٨٥
الصلاة ب ٨ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٤٨ ـ ١٥٩ ، الاستبصار ١ : ٢٩٨ ـ ١١٠٠ ، الوسائل ٤ :
٣١٥ أبواب القبلة ب ١٠ ح ٤.