والكلام إمّا في
بيان دم الحيض ومعرفته إثباتا ونفيا ، أو في أحكام الحائض. فهاهنا بحثان :
البحث
الأوّل : في بيان دم الحيض ومعرفته.
وهو في العرف دم
مخصوص سائل من المرأة ، بل قيل : إنّه المعنى اللغوي أيضا [١] ـ كما ذكره بعض
اللغويين [٢] ـ للتبادر وأصالة عدم النقل.
وذلك الدم ممّا
يقذفه الرحم بعد البلوغ ، ثمَّ تصير المرأة في الأغلب معتادة بقذفه في أوقات
معلومة ، قرّره الله سبحانه لحكمة تربية الولد. فإذا حملت المرأة ، صرفه الله
تعالى إلى تغذيته ، فإذا وضعت الحمل ، بدّل الله سبحانه صورته الدموية باللبنية ـ غالبا
ـ لاغتذاء الطفل ، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع ، بقي ذلك الدم بلا مصرف ، فيستقر
في مكانه ، ثمَّ يخرج في الغالب في أيام متفاوتة بتفاوت المزاج حرارة.
وهو شيء معروف
بين الناس ، له أحكام كثيرة في علمي الأديان والأبدان ، ليس بيانه موقوفا على
الأخذ من الشرع ، بل هو كسائر الأحداث كالمني والبول وغيرهما ، بل باقي موضوعات
الأحكام التي ليست معرفتها متوقّفة على بيانه. بل متى تحقّق وعرف ، تعلّقت به
أحكامه الشرعية ، وإن خلا عن أوصافه الأغلبية. كما تترتّب أحكام المني عليه بعد
معرفته وإن لم يكن مقارنا للفتور الذي هو من