الأوّل
: النية مقارنة لأول أفعاله
الواجبة ، أو المستحبة ، أو مقدماته ، مستدامة حكما إلى الفراغ ، على ما تقدّم
تحقيقها ، وما يتعلّق بها في الوضوء.
وهل يجب في غسل
الجنابة قصد كونه للجنابة ، أم يكفي قصد الغسل وإن لم يلتفت إلى أنه غسل جنابة؟
الأظهر : الثاني ،
للأصل ، وعدم دليل على وجوب ذلك القصد.
وتعدّد الأغسال
المستقرة في الذمة وجوبا أو استحبابا وعدم التميّز إلاّ بالقصد لا يفيد ، لما مرّ
في بحث الوضوء من عدم وجوب قصد المميّز إلاّ مع اشتمال المأمور به على جزء لا
يتحقّق إلاّ بالقصد ، فيجب قصده حينئذ.
فإن قلت : قد
صرّحت الأخبار بأنّ غسل الجنابة واجب ، ووردت الأوامر المتعدّدة بغسل الجنابة ،
فيكون المأمور به هو الإتيان بغسل الجنابة لا مطلق الغسل ، فتكون الجنابة قيدا
للمأمور به ، وتحقّق الغسل المقيّد بهذا القيد إنّما هو بالقصد ، فيجب قصده.
قلنا : يمكن أن
يكون المعنى أنّ الغسل للجنابة واجب ، بأن يكون القيد بيانا للسبب لا جزءا للمأمور
به ، مع أنّه إنّما يفيد للقصد على القول بعدم ثبوت التداخل قهرا.
ومنه يظهر عدم
وجوب قصد المميّز في شيء من الأغسال الواجبة والمستحبة أيضا ، لجريان الكلام فيها
بعينه.
فلو كان على أحد
عشرة أغسال ، وأراد عدم التداخل ، فغسل عشر مرات ، يصحّ ويبرأ عن الجميع وإن لم
يعيّن في كلّ واحد أنه أيّ غسل. ولو غسل خمسا برئ من خمس. وعدم تعيّنه غير ضائر ،
كما مرّ في الوضوء.