وعلى هذا فما ذكره
والدي ـ رحمهالله ـ من أن نسبة الحرمة إلى الصدوق مخالف للواقع ، وما قاله كثير من المتأخّرين
من نسبة جوازها إليه ، ليس من موقعه.
والباعث على ذلك :
قوله في باب حدّ الوضوء : والوضوء مرة مرة ، ومن توضّأ مرتين لم يؤجر ، ومن توضّأ
ثلاثا فقد أبدع ، حيث إنه فرّق بين الثانية والثالثة بعدم الأجر على الثانية
وارتكاب البدعة في الثالثة.
والظاهر أنّ مراده
من قوله « أبدع » دخل فيما هو بدعة ، حيث إن الثالثة مستحبة عند العامة [١] ، فهي من بدعهم.
أي : ارتكب ما هو بدعة من العامة ، ومنهي عنه بخصوصه في الروايات ، سواء قصد به
الوضوء أم لا كما مرّ.
وأما الثانية فلم
يبتدعها أحد بخصوصها ، ولم ينه عنها كذلك ، بل هي غير مأمور بها وغير داخلة في
الوضوء. ويلزمها عدم جواز إدخالها فيه بقصد الوضوء ، لكونه تعدّيا عن حدود الله.
وكيف كان ،
فالظاهر عدم الريب في ضعف ذلك القول. ويدلّ عليه أيضا بعد ظاهر الوفاق ما تقدّم من
أخبار رجحان الثانية [٢]. مضافا إلى مستفيضة أخرى دالّة على جوازها ومشروعيتها ،
كمرسلة مؤمن الطاق [٣].
وحملها على
الإنكار ـ كما في الفقيه [٤] ـ خلاف الأصل والظاهر ، ومخالف لما صرّح به في روايات أخر
كما مرّ [٥] ، ومرسلة ابن أبي المقدام ، والمروي في رجال الكشي كما مرّ
[٦].
[١] المهذب في فقه
الإمام الشافعي ١ : ١٨ ، الأمّ ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ١٥٨.