وأمّا الثاني
فلعدم ظهور الخبرين في الحاضر في البلد الغير المتعذّر حضوره ، ولعلّه لأجل ظهور
قوله : « قدم » في المسافر ، وكذا الحاجة إلى دفع المال وأخذ الكفيل ، مع أنّ
الغائب يحتاج إلى متعلّق مقدّر ، فهوأمّا البلد أو المجلس ، فيحصل فيه الإجمال
الموجب للاقتصار على المتيقّن. ولو منع احتياجه إلى المتعلّق وجعل لفظه مستعملا في
الشخص الغير الحاضر لصار أشكل ، لمنع صدقه عرفا على من في البلد.
والجواب : أمّا عن
ضعف السند فقد مرّ.
وأمّا عن ضعف
الدلالة : فيمنع ظهور لفظ : « قدم » في المسافر لغة ، بل يصدق على قدوم المجلس
أيضا ، ودفع المال وأخذ الكفيل يمكن تحقّقه كثيرا في الحاضر في البلد أيضا ،
والغائب مطلق كالأكل ، فلا يحتاج إلى متعلّق خاصّ ، فيتحقّق كلما تحقّقت الغيبوبة.
إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّه ليس المراد مطلق الغيبوبة كالأكل ، إذ كلّ شخص غائب
عن غير موضع واحد ، فالمراد : الغائب عن موضع خاصّ ، ولا دليل على أنّه مجلس الحكم
، فيدخله الإجمال المسقط للاستدلال. ولا يبقى دليل على جواز الحكم على مثل ذلك
الغائب ، وقد عرفت حال عمومات الحكم.
فإذن قول الشيخ هو
الأظهر وعليه العمل ، ( وجانب العدم أحوط ) [١].
المسألة
الثانية : يكفي في جواز
القضاء عليه إقامة البيّنة عليه ، ولا يحتاج إلى يمين. وذهب جماعة [٢] ـ منهم الوالد
العلاّمة ـ إلى إحلاف المدّعي ، بل ادّعى عليه الشهرة ، وقد مرّ دليلهم بجوابه في
بحث الدعوى على الميّت.
[١] بدل ما بين
القوسين في « ح » : وإن كان مراعاة جانب العدم أحوط.