أ : القائلون
بوجوب كونه في مجلس الحكم استثنوا من ذلك المعذور ، كالمريض والزمن [١] ـ اللذين لا
يمكنهما أو يشقّ عليهما الحضور إلى الحاكم ـ والخائف ، وغير البرزة من النساء ،
والحائض والنفساء ، مع كون الحاكم في موضع لا يجوز لهما المكث فيه أو الدخول.
قالوا : فيستنيب
الحاكم حينئذ من يحلّفه ، لاستلزام الحضور مع ذلك العسر والحرج ، وإلزام الحاكم
حينئذ بمباشرته الإحلاف بالمسير إليه مستلزم للنقص فيه ، أو إلقائه في ضيق وشدّة
وعسر ، مع عدم كونه معهودا في الأزمنة السابقة. واحتمل بعض الأصحاب وجوب ذلك على
الحاكم ، إلاّ إذا وجب النقص [٢].
أقول
: لازم أدلّة نفي
العسر والحرج أحد الأمرين : إمّا جواز الاستنابة ، أو جواز إيقاف الحكم إلى ارتفاع
العذر ، إلاّ في عذر لم يرج زواله.
فالحكم بالأول
مطلقا لا وجه له ، إلاّ أن يقال بالتخيير ، ومرجعه إلى جواز الاستنابة أيضا.
ولكن هذا إنّما
يتمّ على ما هو المشهور من عدم جواز إذن الحاكم لمقلّده العادل في الحكم في واقعة
مخصوصة.
أمّا على ما
اخترناه ـ من جوازه ـ فيرتفع العذر بالإذن لمن يقولون
[١] الزمانة :
العاهة ، وآفة في الحيوان ، يقال : زمن الشخص زمنا وزمانة فهو زمن من باب تعب ،
وهو مرض يدوم زمانا طويلا ـ مجمع البحرين ٦ : ٢٦٠.