ويجوز أن يكون
لأجل أنّ الخاصيّة والنفع المترتّب عليه لا يحصل إلاّ بطبخه على الوجه المذكور ،
كما ورد مثله في رواية خليلان المتقدّمة ، المتضمّنة لطبخ ماء السفرجل على
الثلاثين ، مع أنّه ليس للحلّيّة قطعا.
ويدلّ عليه الأمر
بالطبخ حتى يذهب العسل الزائد في رواية الهاشمي المتقدّمة ، مع أنّه غير محتاج
إليه في الحلّية البتّة ، بل يدلّ عليه أمر الأطبّاء بذلك ، كما ورد في رواية
إسحاق بن عمّار : شكوت إلى أبي عبد الله عليهالسلام بعض الوجع وقلت : إنّ الطبيب وصف لي شرابا آخذ الزبيب
وأصبّ عليه الماء للواحد اثنين ، ثمَّ أصبّ عليه العسل ، ثمَّ أطبخه حتى يذهب
ثلثاه ويبقى الثلث فقال : « أليس حلوا؟ » قلت : بلى ، فقال : « اشربه » ولم أخبره
كم العسل [١].
وكذا يدلّ عليه ما
ورد في النضوح ـ كما يأتي ـ مع أنّه للتطيّب لا للأكل.
والقول ـ بأنّ
وظيفة الإمام بيان ما له مدخليّة في الأحكام دون غيرها ـ معارض بأنّ وظيفة الطبيب
بيان ما له مدخليّة في الآثار دون غيرها ، مع أنّ أكثر ما ورد في تلك الأخبار
الثلاثة ممّا ليس له تعلّق بالأحكام ، بل الأخيرة مسوقة لبيان الفوائد.
فإن قيل : إنّ
قوله : كيف يطبخ حتى يصير حلالا ، في الثانية ، أو : حتى يشرب حلالا ، في الأولى
يدلّ على التحريم بدونه ، وكذا قوله في الثانية : « وإذا كان في أيّام الصيف وخشيت
أن ينشّ جعلته في تنوّر » إلى
[١] الكافي ٦ : ٤٢٦
ـ ٤ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٥ ح ٥.