وأمّا الآية
الثانية فمعناها : إنّي أكون بصدد إغواء الجميع إلاّ العباد المخلصين الذين هم
الأنبياء وأوصياؤهم ـ كما ورد في الأخبار ـ فإنّي لست بصدد إغوائهم. ولا يريد أنّي
اغوي غير المخلصين ، إذ ليس جميع غيرهم غاويا من جانب الشيطان ، فإنّ منهم المؤمنين
الأبرار ، والمتوسّطين التابعين للشريعة التائبين بعد المعصية ، والمستضعفين ،
وأمّا المخلصون فهم الذين جزاؤهم فوق أعمالهم ويصفون الله سبحانه بما يليق بجلاله.
قال الله سبحانه ( وَما
تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِلاّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ )[١].
فليس كلّ غير
المخلصين غاويا من إغواء الشيطان ، فأراد : إنّي أكون بصدد إغواء غير المخلصين.
وعلى هذا ، فلا
يفيد ضمّ الآية الثانية مع الأولى لإثبات مطلوبه ، لأنّا نقول : إنّ كلاّ ممّن
اتّبع الشيطان وله عليه السلطان ومن المخلصين أقلّ أفراد العباد ، ولا ضير ، إذ
ليس كلّ من أراد إغواءه ممّن اتّبعه.
وثالثا : أنّا لا
نسلّم وجود المقتضي ، إذ هو ـ كما اعترف به ـ العلاقة المصحّحة ، وهي هنا غير
موجودة.
قوله : وهي العموم
والخصوص.
قلنا : نعم ، ولكن
لا كلّ خصوص ، إذ لم تثبت لنا صلاحيّة كلّ خصوصيّة حتى الأكثر للعلاقة ، كيف؟! وقد
منعه أكثر المحقّقين ولم يدلّ عليه شاهد من الواضع ، والعلاقات أيضا أمور توقيفيّة
يجب ثبوتها من