المذكورتين في
تفسير الآية الثانية المتضمّنتين لقوله : « إنّ الغناء ممّا أوعد الله عليه النار
» [١] تدلاّن على حرمته ، بل كونه من الكبائر.
قلنا : لا دلالة
لهما إلاّ على حرمة بعض أفراد الغناء ، وهو الذي يشترى ليضلّ به عن سبيل الله
ويتّخذها هزوا ، ألا ترى أنّه لو قال أحد : أمر الأمير بضرب البصري ، في قوله :
اضرب زيد البصري ، يفهم أنّه مراده من البصري دون المطلق ، ولو أبيت الفهم فلا شكّ
أنّه ممّا يصلح قرينة لإرادة هذا الفرد من المطلق ، ومعه لا تجري فيه أصالة إرادة
الحقيقة ، التي هي الإطلاق.
فلم يبق دليل على
حرمة مطلق الغناء سوى قوله سبحانه ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ
الزُّورِ )[٢] بضميمة تفسيره في الأخبار المتقدّمة [٣] بالغناء.
إلاّ أنّه يخدشه :
أنّه يعارض تلك الأخبار المفسّرة ما رواه الصدوق في معاني الأخبار عن الصادق عليهالسلام : قال : سألته عن
قول الزور ، قال : « منه قول الرجل للذي يغنّي : أحسنت » [٤] ، فإنّ الأخبار
الأولة باعتبار الحمل تدلّ على أنّ معناه الغناء ، وذلك يدلّ على أنّه غيره أو ما
هو أعمّ منه ، بل فيه إشعار بأنّ المراد من الزور هو معناه اللغوي والعرفي ـ أي
الباطل والكذب والتهمة ـ كما في النهاية الأثيريّة [٥]. وعدم صدق شيء
من ذلك على مثل القرآن والأدعية والمواعظ والمراثي واضح وإن ضمّ معه نوع ترجيع.
بل يعارضها ما
رواه في الصافي عن المجمع ، قال : « وعن