بالإجماع ، فيبقى
الباقي ، وهذا حسن على طريقة الحلّي ومن يحذو حذوه في عدم العمل بأخبار الآحاد ،
حيث إنّ الدالّ على الزائد على اثني عشر ليس غير الآحاد ، سيّما مع زعم احتمال
إرادة توزيع الثمانية والأربعين ميلا الواردة في رواياتها على أربع جوانب.
وأمّا من يقول
بحجّية تلك الأخبار ـ كما هو الثابت من الأئمّة الأطهار ـ فلا وجه لذلك أصلا ،
واحتمال إرادة التوزيع فاسد جدّا ، سيّما مع التنصيص بما دون عسفان وذات عرق.
وقد يستدلّ لهم
أيضا بنصّ الآية على أنّ التمتّع فرض من لم يكن حاضري المسجد الحرام ، ومقابل
الحاضر المسافر ، وحدّه أربعة فراسخ.
وضعفه ظاهر ، لمنع
كون ذلك حدّ المسافر ، ومنع كون المسافر مقابل الحاضر ، وإنّما هو اصطلاح طارئ بعد
نزول الآية ، هذا ، مع وجود النصوص الكثيرة الصريحة في خلاف ذلك.
وأمّا صحيحة حريز [١] ـ المصرّحة بأنّ
من كان منزله من كلّ من الأربع جوانب ثمانية عشر ميلا فلا متعة له ـ فلا تنافي ما
ذكرنا بمنطوقها أصلا ، إذ منطوقها عدم المتعة على من كان منزله ثمانية عشر.
نعم ، ينافيه عموم
مفهومها اللاّزم تخصيصه بما مرّ ، لكونه أخصّ مطلقا من المفهوم.
المسألة
الثانية: وإذا عرفت أنّ فرض من كان على الحدّ المذكور حجّ التمتّع
تعلم أنّه ليس له العدول إلى غيره اختيارا ، بلا خلاف فيه بين الأصحاب كما في
الذخيرة [٢] ، وعن المعتبر وجملة من كتب الفاضل
[١] الكافي ٤ : ٣٠٠
ـ ٣ ، الوسائل ١١ : ٢٦١ أبواب أقسام الحجّ ب ٦ ح ١٠.