الارتكاز المذكور
، اعتماداً عليه ، مثل أن يقول : تجب نية القربة في الوضوء أو الغسل ، أو التيمم
للسيرة المذكورة ، أو أنه يقطع الصلاة الرقص ، أو الوثبة الفاحشة ، أو رفع الصوت
شديداً ، اعتماداً على السيرة المذكورة. وليس وظيفته أن يقول : يقطع الصلاة كل ما
كان قاطعا لها في نظر المتشرعة ، وبحسب ارتكازهم. إذ تشخيص ذلك مما لا يقوى عليه
العامي ، ولا بد من الرجوع فيه الى الفقيه ، ولو اتفق حصوله للعامي لم يحتج إلى
مراجعة الفقيه في الفتوى ، بل كان ذلك الارتكاز بنفسه حجة عليه في عمله ، كما أنه
حجة للمجتهد في فتواه.
هذا كله مضافا الى
عدم ثبوت هذا الارتكاز في مورد من الموارد.
وثبوته في مثل
الرقص ونحوه ، غير معلوم ، إذ ليس هو إلا كثبوته في النظر إلى الأجنبية بشهوة ،
الذي اشتهر أنه لا يبطل الصلاة ، وكثبوته في ضم الجارية إليه في الصلاة : الذي ورد
في الصحيح عن مسمع عن أبي الحسن (ع) : « أنه لا بأس به » [١]. فيبعد جداً أن
يكون المراد من الفعل الكثير ذلك ، ولا سيما مع عدم القرينة عليه ، بل وعدم
المناسبة المصححة للاستعمال واحتمال أن التعبير عنه بذلك تبعاً للعامة ، وإن اختلف
المراد ، لا شاهد عليه.
لكن الإنصاف : أن
الإشكالات المذكورة إنما تتوجه لو كان المعتمد في قاطعية الفعل الكثير هو ارتكاز
المتشرعة. أما لو كان الإجماع ، أو الدليل الذي عول عليه المجمعون ، والارتكاز
إنما جعل معياراً وضابطاً للموضوع الذي جعل قاطعاً ، فلا مجال لتوجهها. إذ ارتكاز منافاة
بعض الأفعال للصلاة عند المتشرعة ، مما لا مجال لإنكاره ، فإن جملة من الافعال ،
إما لكثرتها وطول أمدها ، كالخياطة ، والكتابة ، والنساجة ، ونحوها ، إذا كانت
كثيرة
[١] الوسائل باب :
٢٢ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ١.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 6 صفحة : 583