وحكاه أيضاً عن
الدروس ، والذكرى ، وحكي عن جامع المقاصد منع ذلك لعدم الدليل عليه في الأخرس ولا
في غيره ، ولو وجب ذلك لعمت البلوى أكثر الخلائق ثمَّ قال : « والذي يظهر لي أن مراد
القائلين بوجوب عقد قلب الأخرس بمعنى القراءة وجوب القصد بحركة اللسان الى كونها
حركة للقراءة ، إذ الحركة صالحة لحركة القراءة وغيرها فلا يتخصص إلا بالنية .. ».
أقول : قد عرفت
سابقاً أن القراءة حكاية للألفاظ المقولة ، فالمعنى المستعمل فيه لفظ القارئ نفس
الألفاظ الخاصة ، أما معانيها فأجنبية عنها ، فكيف يمكن أن يدعي وجوب قصدها تفصيلا
أو إجمالا؟! كيف؟! وتصدق القراءة في حال كون اللفظ المقروء مهملا لا معنى له أصلا
، وعليه فلا بد أن يكون المراد عقد القلب بنفس الألفاظ المحكية بالقراءة ، وهو
ظاهر الخبر أيضاً تنزيلا لأقواله الصلاتية منزلة أقواله العادية في بدلية تحريك
اللسان والإشارة عنها ، على اختلاف المحكي من حيث كونه لفظاً تارة كباب الحكاية
والقراءة ، وغيره أخرى كما في بقية موارد الافهام والاعلام ، وعدم إمكان ذلك في
بعض أفراد الأخرس مثل الأصم الذي لم يعقل الألفاظ ولا سمعها ولم يعرف أن في الوجود
لفظاً ممنوع إن أريد القصد الإجمالي ، لأن قصده الى فعل ما يفعله الناطق على الوجه
الذي يفعله قصد للفظ إجمالا ، وهو في غاية السهولة ، ولعل ذلك هو مراد جامع
المقاصد. فتأمل جيداً.
[١] المذكور في
النص الإصبع[١] ، إلا أن الظاهر منه الجنس الشامل للواحد والكثير ، وهو
المراد من اليد إذ الإشارة بها إنما تكون بأطرافها أعني الأصابع. فتأمل.