المعصية على تركها
، فيوجب كراهتها في الأزمنة اللاحقة. أما العزم ـ الذي هو فعل اختياري للقلب
زائداً على الإرادة والكراهة ـ فلا دليل على اعتباره لا في مفهومها ، ولا في ترتب
الأثر عليها. بل قد يظهر من بعض النصوص خلافه ، ففي
رواية أبي بصير : « قلت لأبي عبد الله
(ع) : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى
اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً )
، قال : هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا. قلت وأينا لم يعد؟ فقال (ع) : يا أبا
محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب » [١] ، ونحوها رواية
أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع)[٢] بناءً على أن المراد بالمفتن من يتوب ثمَّ يذنب ثمَّ يتوب
، كما احتمله المجلسي (ره) في شرح الكافي ، واحتمل أيضاً أن يكون المراد منه من لا
يعود إلى الذنب بعد التوبة ، لكن الأول أظهر بقرينة السؤال الثاني. نعم يظهر منهما
اعتباره في التوبة النصوح ، بل هو صريح مرسل
الصدوق : « روي أن التوبة النصوح
هو أن يتوب الرجل من الذنب وينوي أن لا يعود إليه أبداً » [٣].
وبالجملة : لا
دليل على اعتبار العزم بهذا المعنى في مفهوم التوبة ، أو في صحتها ، بل قد يكون
اعتباره في ذلك موجباً لامتناع وقوعها من أكثر المذنبين الذين يثقون من أنفسهم
بالعود ، لامتناع العزم المذكور حينئذ. اللهم الا أن يقال : العود الصادر من
المكلف بالاختيار لا ينافي العزم المذكور ، بل يؤكده ، لأن العود حينئذ يكون من
باب انتقاض العزم ، وانتقاض الشيء فرع وجوده. نعم إذا كان العود لا بالاختيار
يكون مانعاً عن العزم على تركه ، لأن الوثوق بالقدرة على الشيء شرط لتحقق
[١] الوسائل ، باب :
٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٣.
[٢] الوسائل ، باب :
٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٤.
[٣] الوسائل ، باب :
٨٧ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٣.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 4 صفحة : 7