الجميع ـ عدا
النادر منها ـ إنما تضمن ذكر الفوائد المترتبة عليها ، منها : صحيح معاوية بن وهب : « سمعت أبا عبد
الله (ع) يقول : إذا تاب العبد توبة
نصوحا أحبه الله تعالى فستر عليه في الدنيا والآخرة .. » (١) ومصحح
أبي عبيدة « سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن
الله تبارك وتعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء
فوجدها .. » [٢] ، وخبر ابن قبيصة : «
التائب من الذنب كمن لا ذنب له » [٣]. وبعضها وإن تضمن الأمر بها ، إلا أنه يتعين حمله على
الإرشادي أيضاً إلى حكم العقل ، إذ لو بني على الوجوب المولوي يلزم أن يكون تركها
معصية أخرى ، فتجب التوبة عنها ، فيكون تركها معصية ثالثة ، وهكذا ، ـ نظير ما
يقرر في وجوب الإطاعة لو كان مولوياً ـ فيلزم تكثر المعاصي والعقوبات بمجرد ترك
التوبة في زمان ، ووجوب التوبات الكثيرة الطويلة ، وهو مما لا يظن الالتزام به ،
بل خلاف المقطوع به من الكتاب ، والسنة ، ومرتكزات المتشرعة ، فوجوبها ـ كوجوب
الإطاعة ، وحرمة المعصية ـ إما فطري بملاك دفع الضرر المحتمل ، أو عقلي ـ بناء على
القول بالحسن والقبح العقليين ـ بملاك شكر المنعم. ويفترق الحكمان في التوبة عن
الصغيرة ، فعلى الأول : ليست بواجبة ، لتكفيرها بترك الكبيرة فيحصل الأمن من
العقاب. وعلى الثاني : واجبة ، لعدم الفرق في الحسن بين التوبة في الكبيرة
والصغيرة ، كعدم الفرق في وجوب الإطاعة عقلا بين الأمر في الكبيرة والأمر في
الصغيرة. ومن ذلك يظهر صحة ما ذكره العلامة في شرح التجريد من وجوب التوبة
[١] الوسائل باب :
٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ١.
[٢] الوسائل باب :
٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٦.
[٣] الوسائل باب :
٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ١٤.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 4 صفحة : 4