الحكم بوجوب الغسل
قد أخذ في موضوعه النجاسة ، فيمتنع أن تكون النجاسة منتزعة منه. مضافا إلى أن
النصوص الواردة في أحكام النجاسة ظاهرة في كون النجاسة أثراً عينياً حقيقياً يحصل
من ملاقاة النجس أو المتنجس ، لا مجرد الحكم بوجوب الغسل ، كما لا يخفى.
ومثلها في الاشكال
دعوى : أن استصحاب النجاسة من قبيل استصحاب الفرد المردد بين طويل العمر وقصيره ،
والتحقيق أنه ليس بحجة إذ فيها : أن ذلك إنما يقدح في حجية الاستصحاب إذا كان
الأثر الشرعي للنجاسة متعلقا بالفرد ، ولكنه خلاف ظاهر الأدلة في المقام ، فان
المستفاد من النصوص الواردة في الموارد المتفرقة ـ المتضمنة لعدم صحة الصلاة ، أو
لحرمة الشرب ، أو نحو ذلك ـ أن الأثر للجهة المشتركة بين الأفراد ـ أعني ، طبيعة
النجاسة ـ لا لنفس الأفراد ، بل قوله
(ع) في رواية خيران الخادم الواردة في الثوب يصيبه الخمر ، ولحم الخنزير : «
لا تصل فيه فإنه رجس » [١] كالصريح في كون ذلك حكما لكلي الرجس. فلاحظ ، ولو سلم
فكون المقام من قبيل الفرد المردد لا يخلو من خفاء ، بل الظاهر كونه من قبيل الفرد
المعين ، وكون التردد في رافعه.
وأضعف من ذلك دعوى
أن الغسلة الأولى مزيلة لبعض مراتب النجاسة فيرجع الشك في الطهارة إلى الشك في
وجود مرتبة اخرى زائدة على تلك المرتبة ، والأصل عدمها. إذ فيها : أن المرتبة
المشكوكة معدودة عرفا من وجود المرتبة المعلومة الزوال بالغسلة الأولى ، نظير
السواد الضعيف المعدود من مراتب وجود القوي ، فالشك يكون في البقاء لا في الحدوث
على أن كون الغسلة الأولى مزيلة لبعض المراتب غير ظاهر ، لجواز كونها.