وجبت عليه كفارة
خلف النذر ، وحجه ماض .. ». ونحوه حكي عن المنتهى والتحرير وغيرهما. وفي كشف
اللثام : « هو قوي. إلا أن يجعل المشي في عقد النذر شرطاً .. ».
أقول : ظاهر
كلامهم صورة ما إذا جعله شرطاً ، وحينئذ لا مجال للبناء على صحته وفاء ، لفوات
المشروط بفوات شرطه. أما إذا لم يجعله شرطاً ـ بأن نذر أن يحج ، ونذر أن يمشي في
الحج المنذور ـ فلا مانع من البناء على الصحة ، لأن المشي المنذور إن كان قبل
الميقات ، فاذا ركب قبل الميقات فقد حنث ووجبت الكفارة ، وبقي الأمر بالحج ، فيأتي
به على طبق أمره ، فيصح وفاء. وإن كان المشي المنذور بعد الإحرام وقبل الطواف ،
فإذا أحرم صح إحرامه ، فإذا ركب بعد ذلك فقد حنث ، ولا يقتضي ذلك سقوط الأمر
بالطواف ، وحينئذ يصح طوافه وفاء بالنذر أيضاً ، وهكذا الكلام الى المواقف.
والوجه في ذلك :
عدم انطباق عنوان محرم على أجزاء الحج ، فلا مانع من التقرب بها. نعم ـ بناء على
أن السير من الميقات إلى مكة من أجزاء الحج فيكون عبادة ـ تشكل صحته ، من جهة أن
السير راكباً تفويت لموضوع النذر فيكون حراماً. نظير الصلاة فرادى إذا كان قد نذر
الصلاة جماعة ، فإنه لما كان تفويتاً لموضوع النذر كانت حراماً فتبطل. وقد تقدم
نظير ذلك في المسألة السابعة من هذا الفصل ، فراجع.
ولا يرتبط ما ذكر
بالقول بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده ، بل هو من باب أن علة الحرام حرام ولو عقلا
على نحو يكون مبعداً ، فيمتنع أن يكون مقرباً. ولا فرق بين الجزء الأخير من العلة
والجزء الأول منها ، فنه مع العلم بالترتب يكون الجزء الأول أيضاً حراماً مبعداً ،
ومع عدم العلم بالترتب لا يكون آخر الأجزاء منها حراماً مبعداً ، كما لا يكون
أولها كذلك. وبالجملة :
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 10 صفحة : 362