من حيث نفسه ، ومع
غض النظر عن تعلق النذر به يوجب انحلاله بالاستطاعة .. ». وتوضيح ما ذكر : أن
رجحان المنذور ـ المشروط به صحة النذر ـ يجب أن يكون مع قطع النظر عن النذر ، ومع
مزاحمة النذر للاستطاعة إذا غض النظر عن النذر يكون المنذور غير راجح ، لأدائه إلى
ترك الحج ، وإنما يكون المنذور راجحاً بتوسط النذر الرافع للاستطاعة ، ومثل هذا
الرجحان لا يكفي في صحة النذر.
وفيه : أن ما ذكره
وإن كان مسلماً ، لكنه يجري مثله في وجوب حج الإسلام في الفرض ، فإن الاستطاعة
المعتبرة في وجوب حج الإسلام يجب أن تكون حاصلة مع غض النظر عن وجوب الحج ، وفي
المقام إذا غض النظر عن وجوب الحج ترتفع الاستطاعة بالنذر. وعلى هذا يكون الأخذ
بأحد الحكمين رافعاً لموضوع الآخر ، وترجيح وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر بلا
مرجح حتى بملاحظة كون وجوب الحج أهم ، لأن ترجيح الأهم إنما يكون في المتزاحمين
الواجد كل منهما لملاكه ويكون تزاحمهما في مقام الامتثال ، لا في المتواردين
اللذين يكون كل منهما رافعاً لملاك الآخر ، بل فيهما يتعين الرجوع إلى منشأ آخر
للترجيح.
ولا ينبغي التأمل
في أن الجمع العرفي يقتضي الأخذ بالسابق دون اللاحق ، تنزيلاً للعلل الشرعية منزلة
العلل العقلية ، فكما أن العلل العقلية يكون السابق منها رافعاً للاحق كذلك العلل
الشرعية. فيلغى احتمال كون اللاحق رافعاً لموضوع السابق ، وإن كان احتمالاً
معقولاً في العلل الشرعية ، لكنه لا يعتنى به في مقام الجمع بين الدليلين. وقد
أشرنا إلى ذلك في بعض مباحث القراءة من هذا الشرح. وبهذا صح ما ذكره : من تقديم
الإجارة ، على الحج عند سبق الإجارة ، فإن سلطنة الأجير غير كافية في صحة الإجارة
، إذا لم يكن قادراً على العمل في وقته مع قطع النظر عن وجوب الوفاء بالعقد.
والاستطاعة
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 10 صفحة : 119