من الطرفين ، فما
الوجه في جعله مقابلا له؟ [ قلت ] : ما ذكر ممنوع فان البعد الموجب لخروج الشيء
عن محل الابتلاء للمكلف لا يوجب سلب قدرته عليه ، لأن المقدور بالواسطة مقدور.
ولذا صح التكليف بالحج لأهل الصين ، ولا يصح نهيهم عن استعمال الإناء الذي في مكة
، إذا لم يكونوا في مقام السفر الى الحج. أما إذا كانوا في مقام السفر الى الحج
كان الإناء الذي في مكة محل ابتلائهم ، فيصح نهيهم عنه.
هذا وإذا عرفت أن
خروج بعض أطراف المعلوم بالإجمال عن محل الابتلاء مانع من تنجيز العلم لذلك
المعلوم بالإجمال ، يكون الطرف الآخر المعلوم بالإجمال من قبيل الشبهة البدوية ،
فيتعين الرجوع فيه الى الأصل الموضوعي أو الحكمي.
ثمَّ إنه إذا شك
في حصول شرط القدرة أو كونه محل الابتلاء ، فإطلاق الخطاب لا يصلح لنفي الشك
المذكور ، لأن منع العجز والخروج عن محل الابتلاء عن التكليف ليس شرعيا بل هو عقلي
، فالخطاب الشرعي لا ينفيه ولا يتعرض له بوجه ، فمع الشك في المانعين المذكورين
ونحوهما ، لا مجال للرجوع إلى إطلاق الخطاب. نعم الأصل العقلائي يقتضي الاحتياط
حينئذ.
فإن قلت : إذا خرج
بعض أطراف الشبهة عن محل الابتلاء فقد شك في خروج المعلوم بالإجمال عن محل
الابتلاء ، ويجب الاحتياط حينئذ في الفرد الذي هو محل الابتلاء [ قلت ] : الشك في
مثل الفرض ليس موضوعا لأصالة الاحتياط العقلائية المتقدمة ، لاختصاصها بصورة الشك
البدوي في الخروج عن محل الابتلاء ، فلا تشمل مثل الفرض فلاحظ. نعم بناء على أن
المرجع الإطلاق يشكل الفرق بين الفرضين. ومثله الكلام مع خروج بعض الأطراف عن
القدرة. اللهم إلا أن يقال : الإطلاق حجة عند الشك في أصل التخصيص بنحو الشبهة
البدوية ، لا في مثل الفرض
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 453