أو يفصل بين ما لو
كان رأي الثاني جواز البقاء ، فالثاني ، ووجوبه فالأول؟ فيه وجوه. وأشكل منه ما لو
أفتاه الحي بوجوب البقاء ، وكانت فتوى المجتهد الثاني وجوب العدول ، لتناقض
الفتويين عملا ولذلك بنى شيخنا الأعظم [ ره ] على عدم الأخذ بعموم فتوى الحي
بالنسبة إلى مسألة البقاء والعدول ، للزوم تخصيص الأكثر ، ولاقتضائه وجوب العدول
مع أن المفتي الحي لا يقول به.
والذي ينبغي أن
يقال : إذا قلد زيداً في المسألة الفرعية ، كوجوب صلاة الظهر يوم الجمعة ـ مثلا ـ فمات
زيد ، فقلد عمراً في جواز البقاء على تقليد زيد في وجوب صلاة الظهر ، فاذا مات
عمرو فقلد بكراً فأفتى له بوجوب البقاء على تقليد الميت ، كان مقتضى ذلك وجوب
العمل برأي زيد دون رأي عمرو. وذلك أن عمراً وإن كان ميتاً قد قلده حال حياته في
جواز البقاء على تقليد الميت ، إلا أنه يمتنع الرجوع إليه في مسألة جواز تقليد
الميت ، لأن هذه المسألة قد قلد فيها بكراً بعد موت عمرو ، فلا مجال لتقليد عمرو
فيها ، لأن المسألة الواحدة لا تحتمل تقليدين مترتبين. لأنه لو بني على جواز
اجتماع المثلين في رتبتين فلا أقل من لزوم اللغوية مع اتفاقهما عملا ، أو التناقض
مع اختلافهما ، وبطلانه ظاهر.
وتوهم : أن رأي
بكر حجة في مسألة جواز البقاء على تقليد عمرو ورأي عمرو حجة في مسألة جواز البقاء
على تقليد زيد ، فيكون هناك مسألتان لاختلاف موضوعيهما يرجع في إحداهما إلى بكر ،
وفي الأخرى إلى عمرو ، ولا يكون تقليد أحدهما فيما قلد فيه الآخر ، كما لو أخبر
بكر بحجية خبر عمرو ، وأخبر عمرو بحجية خبر زيد ، فيكون كل منهما حجة في مؤداه ،
ولا اشتراك بينهما في موضوع واحد. [ مندفع ] : بأن خصوصية عمرو ليست مقومة للقضية
الشرعية التي يرجع فيها العامي إلى بكر ، ويكون رأيه حجة فيها ، فان فتوى بكر جواز
تقليد الميت بنحو الكلية ، لا خصوص عمرو ،
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 33